عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ١٠٨
وواصلوه بالهدايا الجزيلة والغلال واشترى الجواري وعمل الأطعمة للضيوف وأكرم الواردين والوافدين من الآفاق البعيدة وحضر عبد الرزاق أفندي الرئيس من الديار الرومية إلى مصر وسمع به فحضر اليه والتمس منه الإجازة وقراء مقامات الحريري فكان يذهب اليه بعد فراغه من درس شيخون ويطالع له ما تيسر من المقامات ويفهمه معانيها اللغوية ولما حضر محمد باشا عزت الكبير رفع شأنه عنده واصعده إليه وخلع عليه فروة سمور ورتب له تعيينا من كلاره لكفايته من لحم وسمن وارز وحطب وخبر ورتب له علوفة جزيلة بدفتر الحرمين والسائرة وغلالا من الأنبار وانهى إلى الدولة شانه فأتاه مرسوم بمرتب جزيل بالضربخانة وقدره مائة وخمسون نصفا فضة في كل يوم وذلك في سنة احدى وتسعين ومائة والف فعظم امره وانتشر صيته وطلب إلى الدولة في سنة اربع وتسعين فأجاب ثم امتنع وترادفت عليه المراسلات من أكابر الدولة وواصلوه بالهدايا والتحف والأمتعة الثمينة في صناديق وطار ذكره في الأفق وكاتبه ملوك النواحي من الترك والحجاز والهند واليمن والشام والبصرة والعراق وملوك المغرب والسودان وفزان والجزائر والبلاد البعيدة وكثرت عليه الوفود من كل ناحية وترادفت عليه منهم الهدايا والصلات والأشياء الغريبة وأرسلوا اليه من اغنام فزان وهي عجيبة الخلقة عظيمة الجثة يشبه رأسها راس العجل وأرسلها إلى أولاد السلطان عبد الحميد فوقع لهم موقعا وكذلك ارسلوا له من طيور الببغا والجواري والعبيد والطواشية فكان يرسل من طرائف الناحية إلى الناحية المستغرب ذلك عندها ويأتيه في مقابلتها اضعافها واتاه من طرائف الهند وصنعاء اليمن وبلاد سرت وغيرها أشياء نفيسة وماء الكادي والمربيات والعود والعنبر والعطرشاه بالأرطال وصار له عند أهل المغرب شهرة عظيمة ومنزلة كبيرة واعتقاد زائد وربما اعتقدوا فيه القطبانية العظمى حتى أن أحدهما إذا ورد إلى مصر حاجا ولم يزره ولم يصله بشيء لا يكون حجه كاملا فإذا ورد عليه أحدهم سأله
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»