تزوج ببنت شيخه الشيخ محمود بعد وفاته واقام منعما معها في رفاهية من العيش مع ملازمته للاقراء والإفادة إلى أن ادركه الاجل المحتوم وتوفي في هذه السنة بالطاعون وكان انسانا حسنا جم الفرائد ولفوائد مهذب الاخلاق لين الطباع حسن المعاشرة جميل الأوصاف رحمه الله تعالى ومات العمدة الفاضل الواعظ عبد الوهاب بن الحسن البوسنوى السراى المعروف ببشناق أفندي قدم مصر سنة تسع وستين ومائة والف ووعظ بمساجدها واكرمه الامراء للجنسية ثم توجه إلى الحرمين وقطن بمكة ورتب له شيء معلوم على الوعظ والتدريس ومكث مدة ثم حصلت فتنة بين الاشراف والأتراك فنهب بيته وخرج هاربا إلى مصر فالتجأ إلى علمائها فكتبوا له عرضا إلى الدولة بمعرفة ما جرى عليه فعين له شيء في نظير ما ذهب من متاعه وتوجه إلى الحرمين فلم يقر له بمكة قرار ولم يمكنه الاتزاج مع رئيس مكة لسلاقة لسانه واستطالته في كل من دب ودرج فتوجه إلى الروم ومكث بها أياما حتى حصل لنفسه شيئا من معلوم آخر فأتى إلى مكة وصار يطلع على الكرسي ويتكلم على عادته في الحط على اشراف مكة وذمهم والتشنيع عليهم وعلى اتباعهم وذكر مساويهم وظلمهم فأمر شريف مكة بالخروج منها إلى المدينة فخرج إليها وقد حنق غيظا على الشريف فلما استقر بالمدينة لف عليه بعض الأوباش ومن ليس له ميل إلى الشريف فصار يطلع على الكرسي ويستطيل بلسانه عليه ويسبه جهرا وغره مرافقة أولئك معه وان الشريف لا يقدر أن يأتي لهم بحركة فتعصبوا وزادوا نفورا واخرجوا الوزير الذي هو من طرف الشريف وكاتبوا إلى الدولة برفع يد الشريف عن المدينة مطلقا وانه لا يحكم فيهم ابدا وانما يكون الحاكم شيخ الحرم فقط وأرسلوا بالعرض مفتي المدينة فكتب لهم على مقتضى طلبهم خطابا إلى أمير الحاج الشامي والى الشريف ولما أحس الشريف بذلك تنبه لهذه الحادثة وعرف ان أصلها من أنفار بالمدينة أحدهم المترجم واستعد للقاء أمير الحاج بعسكر جرار
(١١٥)