الدنيا بحذافيرها من كل ناحية لزم داره واحتجب عن أصحابه الذين كان يلم بهم قبل ذلك الا في النادر لغرض من الاغراض وترك الدروس والاقراء واعتكف بداخل الحريم وأغلق الباب ورد الهدايا التي تأتيه من أكابر المصريين ظاهره وارسل اليه مرة أيوب بك الدفتردار مع نجله خمسين اربا من البر واحمالا من الأرز والسمن والعسل والزيت وخمسمائة ريال نقود وبقج كساوى أقمشة هندية وجوخا وغير ذلك فردها وكان ذلك في رمضان وكذلك مصطفى بك الإسكندراني وغيرهما وحضر اليه فاحتجب عنهما ولم يخرج اليهما ورجعا من غير أن يواجهاه ولما حضر حسن باشاالصور التي حضر فيها إلى مصر لم يذهب اليه بل حضر هو لزيارته وخلع عليه فروة تليق به وقدم له حصانا معدودا مرختا بسرج وعباءة قيمته ألف دينار أعده وهياه قبل ذلك وكانت شفاعته عنده لا ترد وان ارسل اليه ارسالية في شيء تلقاها بالقبول والاجلال وقبل الورقة قبل أن يقرأها ووضعها على رأسه ونفذ ما فيها في الحال وارسل مرة إلى احمد باشا الجزار مكتوبا وذكر له في أنه المهدي المنتظر وسيكون له شأن عظيم فوقع عنده بموقع الصدق لميل النفوس إلى الأماني ووضع ذلك المكتوب في حجابه المقلد به مع الاحراز والتمائم فكان يسر بذلك إلى بعض من يرد عليه ممن يدعى المعارف في الجفور والزايرجات ويعتقد صحته بلا شك ومن قدم عليه من جهة مصر واجمع سأله عن المترجم فأن أخبره وعرفه انه اجتمع به وأخذ عنه وذكره بالمدح والثناء أحبه واكرمه واجزل صلته وإن وقع منه خلاف ذلك قطب منه وأقصاه عنه وابعده ومنع عنه بره ولو كان من أهل الفضائل واشتهر ذلك عنه عند من عرف منه ذلك بالفراسة ولم يزل على حسن اعتقاده في المترجم حتى انقضى نحبهما واتفق ان مولاي محمدا سلطان المغرب رحمه الله وصله بصلات قبل انجماعه الأخير وتزهده وهو يقبلها ويقابلها بالحمد والثناء والدعاء فأرسل له في سنة احدى ومائتين صلة لها قدر فردها وتورع عن قبولها وضاعت
(١١٠)