عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٥٩٦
علي زنفل الأحمدي ولما ورد مصر اجتمع بالسيد مصطفى البكري فلقنه طريقة الخلوتية وانضوى إلى الشيخ شمس الدين محمد الحفني فقصر نظره عليه واستقام به عهده فأحياه ونور قلبه واستفاض منه فلم يكن ينتسب في التصوف الا اليه وحصل جملة من الفنون الغريبة كالزايرجة والاوفاق على عدة من الرجال وكان ينزل وفق المائة في المائة وهو المعروف بالمئيني ويتنافس الامراء والملوك لاخذه منه وأحدث فيه طرقا غريبة غير ما ذكره أهل الفن وقد قرأ القرآن مدة وانتفع به الطلبة وقرأ الحديث وكان سنده عاليا فتنبه بعض الطلبة في الأواخر فأكثروا الاخذ عنه وكان صعبا في الإجازة لا يجيز أحدا الا إذا قرأ عليه الكتاب الذي يطلب الإجازة فيه بثمامه ولا يرى الإجازة المطلقة ولا المراسلة حتى أن جماعة من أهالي البلاد البعيدة أرسلوا يطلبون منه الإجازة فلم يرض بذلك وهذه الطريقة في مثل هذه الأزمان عسرة جدا وفي أواخره انتهى اليه الشأن وأشير اليه بالبنان وذهبت شهرته في الآفاق وأتته الهدايا من الروم والشام والعراق وكف بصره وانقطع إلى الذكر والتدريس في منزله بالقرب من قننطرة لموسكى داخل العطفة بسويقة الصاحب ولازم الصوم نحو ستين عاما ووفدت عليه الناس من كل جهة وعمر حتى الحق الأحفاد بالأجداد وأجاز وخلف وربما كتب الإجازات نظما على هيئة إجازات الصوفية لتلامذتهم في الطريق ولم يزل يبدي ويعيد ويعقد حلق الذكر ويفيد إلى أن وافاه الاجل المحتوم في هذه السنة وجهز وكفن وصلي عليه بالأزهر في مشهد حافل وأعيد إلى الزاوية الملاصقة لمنزله وكثر عليه الأسف ومات الشيخ الإمام الفاضل الصالح علي بن علي بن علي بن علي ابن مطاوع العزيزي الشافعي الأزهري أدرك الطبقة الأولى من المشايخ كالشيخ مصطفى العزيزي والشيخ محمد السحيمي والدفرى والملوى
(٥٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 591 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 ... » »»