عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٥٥٨
عندي حتى دفىء بدني وغلب وهج النار علي فقلت في سرى هذه النار حسية أم هي خيال فقربت أصبعي منها فلذعتني فعلمت أنها كرامة من الله تعالى ثم رفعت والحاصل ان مناقبه رضي الله عنه لا تكاد تنحصر وكان لكلامه وقع في النفوس عظيم إذا تكلم كأنما كلماته خرزات نظمن في جيد حسناء لا ينطق الا بحكمة أو موعظة أو مسائل دينية أو حكاية تتضمن جوابا عن سؤال يسأله بعض الحاضرين بقلبه ولا تكاد تسمع في مجلسه ذكر أحد بسوء وكان كثير الشفقة والرحمة على خلق الله لا سيما أرباب الذنوب والمعاصي كثير التواضع كثير الاحسان للفقراء والمساكين لا يمسك من الدنيا شيئا جميع ما يأيتة ينفقة في طاعة الله ما امسك بيده درهما ولا دينار قط آخذا بالورع في جميع أموره ليس له هم الا أمور الآخرة لا يهتم لشأن الدنيا أقبلت أو أدبرت كفاه الله مؤنة الدنيا عنده خادم يقبض ما يأتي له من الدنيا ويصرف عليه فلا يزيد ذلك على حاجته ولا ينقص شيئا قال السيد شارح الرسالة خدمته نحو عشر سنوات ما رأيته ارتكب صغيرة قط وللأستاذ رضي الله عنه رسالة سماها السلوك لابناء الملوك وهي صورة مكتوب من املائه أرسله إلى رجل من أعيان المغرب يقال له ابن الظريف وكان الشيخ رضي الله عنه ارسل له جوابا عن مكاتبة أرسلها فأرسل مراسلة أخرى والتمس الجواب ويكون متضمنا بعض النصائح فأملى تلك المراسلة فبلغت نحو ستة كراريس وصارت كتابا عظيم النفع سارت به الركبان وانتفع به القاصي والداني وكتب عليه كثير من العلماء وكانت وفاة الأستاذ رضي الله عنه ثالث المحرم من هذه السنة وتولى غسله الشيخ سليمان الجمل وصلي عليه بالأزهر ودفن بالصحراء بجوار شيخه السيد مصطفى البكري رضي الله عنهما ومات الأديب الماهر واللبيب الشاعر الشيخ علي بن عنتر الرشيدى كان
(٥٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 ... » »»