عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٥٤٠
ليشتغل بالعلم فلازم الشيخ أحمد السليماني ملازمة جيدة وحضر عليه غالب الكتب المستعملة في المذهب وحضر دروس الشيخ الصعيدى والشيخ الحفني ولقنه الذكر وأجازه والبسه التاج الخلوتي ثم اجتمع بالمرحوم الوالد حسن الجبرتي ولازمه كلية ودرجة في الفتوى ومراجعة الأصول والفروع وأعانه على ذلك وجد أن الكتب الغريبة عند المرحوم فترونق ونوه بشأنه وعرفه الناس وتولى مشيخة رواق الشوام وبه تخرج الحقير في الفقه فأول ما حضرت عليه متن نور الايضاح للعلامة الشرنبلالي ثم متن الكنز وشرحه لملا مسكين والدر المختار شرح تنوير الابصار ومقدار النصف من الدرر وشرح السيد علي السراجية في الفرائض وكان له قوة حافظة وجودة فهم وحسن ناطقة فيقرر ما يطالعه من المواد عن ظهر قلبه من حفظه بفصاحة من غير تلعثم ولا تركيز وحج في سنة تسع وسبعين من القلزم منفردا متقشفا وأدرك بالحرمين الأخيار وعاد إلى مصر وحصلت له جذبة في سنة ست وثمانين وترك عياله وانسلخ عن حاله وصار يأوى إلى الزوايا والمساجد ويلقي دروسا من الشفاء وطرق القوم وكلام سيدي محي الدين والغزالي ثم تراجع قليلا وعاد إلى حالته الأولى ولما توفي مفتي الحنفية الشيخ أحمد الحماقي تعين المترجم في الافتاء وعظم صيته وتميز على أقرانه واشترى دارا حسنة بالقرب من الجامع الأزهر وهي التي كانت سكن الشيخ الحفني في السابق وتعرف بدار القطرسي وتردد الأكابر والأعيان اليه وانكبت عليه أصحاب الدعاوى والمستفتون وصار له خدم واتباع وفراشون وغير ذلك وسافر إلى إسلامبول بعد موت الأمير محمد بك لقضاء بعض الاغراض وقرأ هناك كتاب الشفاء ورجع إلى مصر وكان كريم النفس سمحا بما في يده يحب اطعام الطعام ويعمل عزائم للأمراء ويخلع عليهم الخلع ولما زاد انحطاط الشيخ أحمد الدمنهورى وتبين قرب وفاته وفراغ اجله تاقت نفس المترجم
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»