عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٥٤٥
ذهنه وسرعة ادراكه وتوقد خاطره وكمال حافظته وكان والده يحبه ويعتمد على ما يقوله في تحرير نقله ويصرح بذلك في أثناء درسه وقد بلغ المترجم من الصلاح والتقوى إلى الغاية واشتهر أمره في بلاد إفريقية اشتهارا كليا حتى أحبه الصغير والكبير وكان منفردا عن الناس منقبضا عن مجالسهم فلا يخرج عن محله الا لزيارة ولي أو في العيدين لزيارة والده وكان المرحوم علي باشا والي تونس فيه اعتقاد عظيم وعرض عليه الدنيا مرارا فلم يقبلها وعرضت عليه تولية المدارس التي كانت بيد والده فأعرض عنها وتركها لمن يتولاها وعكف نفسه على مذاكرة العلوم مع خواص أصحابه ومطالعة الكتب الغريبة واجتمع عنده منها شيء كثير وكان يرسل في كل سنة قائمة إلى شيخنا السيد مرتضى فيشتري له مطلوبه وكان يكاتبه ويراسله كثيرا ومات الفقيه الأديب الماهر أحمد بن عبد الله بن سلامة الادكاوى نزيل الإسكندرية وأمه شريفة من ذرية السيد عيسى بن نجم خفير بحر البرلس كان حسن المحاورة ولديه فضل ويحفظ كثيرا من الأشياء منها المقامات الحريرية وغيرها من دواوين الشعر وناب عن القضاء في الثغر مدة وكان يتردد إلى مصر أحيانا وجمع عدة دواوين شعرية من المتقدمين والمتأخرين نحو المائتين وطالع كثيرا منها مما لم يملكه ولم يزل على حالة مرضية حتى توفي بالثغر سنة تاريخه ومات الشيخ الصالح المعمر خالد أفندي بن يوسف الديار بكرلي الواعظ كان يعظ الأتراك بمكة على الكرسي ثم ورد مصر ولازم حضور الأشياخ بمصر والوعظ للأتراك وحضر معنا كثيرا على شيخنا السيد محمد مرتضى في دروس الصحيح بجامع شيجون في سنة 1190 وفي الأمالي والشمائل في جامع أبي محمود الحنفي وأخبر انه دخل دمشق وحضر دروس الشيخ إسماعيل العجلوني وأجازه وأدرك جلة الأشياخ بديار
(٥٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 ... » »»