منه بعض الاجلاف وتحادثوا معه وانصرفوا مسح بتلك القطنة عينيه وشمها بأنفه حذرا من رائحتهم وصنانهم وكان له صلات واغداقات وغلال يرسلها للعلماء وأرباب المظاهر بمصر في كل سنة وكان ظلا ظليلا بأرض مصر ولما ارتحل لزيارته شيخنا السيد محمد مرتضى وعرف فضله أكرمه اكراما كثيرا وانعم عليه بغلال وسكر وجوار وعبيد وكذلك كان فعله مع أمثاله من أهل العلم والمزايا ولم يزل هذا شأنه حتى ظهر امر علي بك وحصل ما تقدم شرحه من وقائعه من خشداشينه وذهابه إلى الصعيد وصلحه مع صالح بك وانضمامه اليه وكان المترجم صديقا لصالح بك وعشيرته فامدهما بالمال والرجال مراعاة لسعي صالح بك حتى تم لهما الامر وغدر علي بك بصالح بك وخرجت رجاله واتباعه إلى الصعيد واعلموه بما أوقعه بهم علي بك فاغتم على فقد صالح بك غما شديدا وحمله ذلك على أن أشار عليهم بذهابهم إلى اسيوط وتملكهم إياها فإنها باب الصعيد فذهبوا إليها مع جملة المنفيين من مصر والمطرودين كما تقدم وأمدهم شيخ العرب المترجم حتى ملكوها واخرجوا من كان بها واستوحش منه علي بك بسبب ذلك وتابع ارسال التجاريد وقدر الله بخذلان القبالي ورجوعهم إلى قبلي على تلك الصورة فعند ذلك علم همام انه لم يبق مطلوبا لهم سواه وخصوصا مع ما وقع من فشل كبار الهوارة وآقاربه ونفاقهم عليه فلم يسعه الا الارتحال من فرشوط وتركها بما فيها من الخيرات وذهب إلى جهة اسنا فمات في ثامن شعبان من السنة ودفن في بلدة تسمى قمولة فقضى عليه بها رحمه الله وخلف من الأولاد الذكور ثلاثة وهم درويش وشاهين وعبد الكريم ولما مات انكسرت نفوس الامراء ثم إن أكابر الهوارة قدموا ابنه درويشا لكونه أكبر اخوته وأشاروا عليه بمقابلة محمد بك ففعل واما الامراء فنهم من اخذ أمانا من محمد بك وقابله وانضم اليه ومنهم من ذهب إلى ناحية
(٣٨٦)