مصر سنة جاهلية وبدعة شيطانية زرعت فيهم النفاق وأسست فيما بينهم الشقاق ووافقوا فيها أهل الحرف اللئام في قولهم سعد وحرام وهو ان الجند بأجمعهم اقتسموا قسمين واحتزبوا بأسرهم حزبين فرقة يقال لها فقارية وأخرى تدعى قاسمية ولذلك أصل مذكور وفي بعض سير المتأخرين مسطور لا بأس بايراده في المسامرة تتميما للغرض في مناسبة المذاكرة وهو ان السلطان سليم شاه لما بلغ من ملك الديار المصرية مناه وقتل من قتل من الجراكسة وسامهم في سوق المواكسة قال يوما لبعض جلسائه وخاصته وأصدقائه يا هل ترى هل بقي أحد من الجراكسة نراه وسؤال من جنس ذلك ومعناه فقال له خيربك نعم أيها الملك العظيم هنا رجل قديم يسمى سودون الأمير طاعن في السن كبير رزقه الله تعالى بولدين شهمين بطلين لا يضاهيهما أحد في الميدان ولا يناظرهما فارس من الفرسان فلما حصلت هذه القضية تنحى عن المفارشة بالكلية وحبس ولديه بالدار وسد أبوابه بالأحجار وخالف العادة واعتكف على العبادة وهو إلى الان مستمر على حالته مقيم في بيته وراحته فقال السلطان هذا والله رجل عاقل خبير كامل ينبغي لنا ان نذهب لزيارته ونقتبس من بركته واشارته قوموا بنا جملة نذهب اليه على غفلة لكي أتحقق المقال واشاهده على أي حالة هو من الأحوال ثم ركب في الحال ببعض الرجال إلى أن توصل اليه ودخل عليه فوجده جالسا على مسطبة الإيوان وبين يديه المصحف وهو يقرأ القرآن وعنده خدم واتباع وعبيد ومماليك أنواع فعندما عرف انه السلطان بادر لمقابلته بغير توان وسلم عليه ومثل بين يديه فأمره بالجلوس ولاطفه بالكلام المأنوس إلى أن أطمأن خاطره وسكنت ضمائره فسأله عن سبب عزلته وانجماعه عن خلطته بعشيرته فاجابه انه لما رأى في دولتهم اختلال الأمور وترادف الظلم والجور وان سلطانهم مستقل برأيه فلم يضع إلى وزير ولا عاقل مشير وأقصى كبار
(٣٩)