عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٣٦
رتب الأمور واستخلف بمصر وثغورها من يثق به واخذ بصحبته من لا يظن فيه الخيانة ومنهم جملة من الجلبان وأبقى منهم ومن غيرهم بمصر كذلك ولا ينفع الحذر من القدر فلما خرج السلطان وبعد عن مصر اثاروا الفتنة بعد ان استمالوا طائفة من المماليك السلطانية وفعلوا ما فعلوه ونادوا بموت السلطان وولوا ابنه ووقفوا مستعدين منتظرين فعل أصحابهم الغائبين مع السلطان وثار أيضا أصحابهم على السلطان في العقبة فانهزم بعد أمور طالبا المجيء إلى مصر وصحبته الامراء الكبار وبعض المماليك ونهبت الخزينة والحج وذهب البعض إلى الشام والبعض إلى الحجاز والبعض إلى مصر صحبة حريم السلطان وجرى ما هو مسطر في الكتاب من ذبح الامراء واختفاء السلطان وخنقه وتمكن هؤلاء الاجلاب من الدولة ونهبوا بيوت الأموال وذخائر السلطان واقتسموا محاظيه وكذلك الامراء ووصل كل صعلوك منهم لمراتع الملوك وأزالوا عن الدولة القلاوونية وأخذوا لأنفسهم الامريات والمناصب وأصبح الذين كانوا بالأمس أسفل الناس ملوك الأرض يجبى إليهم ثمرات كل شيء الجراكسة ثم وقعت فيهم حوادث وحروب أسفرت عن ظهور برقوق الجركسي أحد مماليك يلبغا العمري واستقراره أميرا كبيرا وكان غاية في الدهاء والمكر فلم يزل يدبر لنفسه حتى عزل بن الأشرف واخذ السلطنة لنفسه وهو أول ملوك الجراكسة بمصر وبالاشرف شعبان هذا وأولاده زالت دولة القلاوونية وظهرت دولة الجراكسة أولهم برقوق وبعده ابنه فرج واستمر الملك فيهم وفي أولادهم إلى الأشرف قانصوه الغوري وابتداء دولتهم سنة اربع وثمانين وسبعمائة وانقضاؤها سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة فتكون مدة دولتهم مائة سنة
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»