وتسعة وثلاثين سنة وسبب انقضائها فتنة السلطان سليم شاه ابن عثمان وقدومه إلى الديار المصرية فخرج اليه سلطان مصر قانصوه الغوري فلاقاه عند مرج دابق بحلب وخامر عليه أمراؤه خير بك والغزالي فخذلوه وفقدوه ولم يزل حتى تملك السلطان سليم الديار المصرية والبلاد الشامية واقام خير بك نائبا بها كما هو مسطر ومفصل في تواريخ المتأخرين مثل مرج الزهور لابن اياس وتاريخ القرماني وابن زقبل وغيرهم وعادت مصر إلى النيابة كما كانت في صدر الاسلام ولما خلص له امر مصر عفا عمن بقي من االجراكسة وأبنائهم ولم يتعرض لأوقاف السلاطين المصرية بل قرر مرتبات الأوقاف والخيرات والعلوفات وغلال الحرمين والأنبار ورتب للأيتام والمشايخ والمتقاعدين ومصارف القلاع والمرابطين وأبطل المظالم والمكوس والمغارم ثم رجع إلى بلاده واخذ معه الخليفة العباسي وانقطعت الخلافة والمبايعة واخذ صحبته ما انتقاه من أرباب الصنائع التي لم توجد في بلاده بحيث انه فقد من مصر نيف وخمسون صنعة ولما توفي تولى بعده ابنه المغازي السلطان سليمان عليه الرحمة والرضوان فأسس القواعد وتمم المقاصد ونظم الممالك وأنار الحوالك ورفع منار الدين واخمد نيران الكافرين وسيرته الجميلة اغنت عن التعريف وتراجمه مشحونة بها التصانيف ولم تزل البلاد منتظمة في سلكهم ومنقادة تحت حكمهم من ذلك الاوان الذي استولوا عليها فيه إلى هذا الوقت الذي نحن فيه وولاة مصر نوابهم وحكامها أمراؤهم وكانوا في صدر دولتهم من خير من تقلد أمور الأمة بعد الخلفاء المهديين وأشد من ذب عن الدين وأعظم من جاهد في المشركين فلذلك اتسعت ممالكهم بما فتحه الله على أيديهم وأيدي نوابهم وملكوا أحسن المعمور من الأرض ودانت لهم الممالك في الطول والعرض هذا مع عدم اغفالهم الامر وحفظ النواحي والثغور وإقامة الشعائر الاسلامية والسنن المحمدية
(٣٧)