عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٢٦٤
ورجع سنة اربع وخمسين في امن وأمان وطلع عمر بك ابن علي بك قطامش سنة اربع وخمسين ورجع سنة خمس وخمسين ثم ورد امر للمترجم بامارة الحج سنة خمس وخمسين وذلك في ولاية يحيى باشا وفي تلك السنة عمل المترجم وليمة ليحيى باشا في بيته وحضر اليه وقدم له تقادم وهدايا ولم يتفق نظير ذلك فيما تقدم بان الباشا نزل إلى بيت أحد من الامراء وانما كانوا يعملون لهم الولائم بالقصور خارج مصر مثل قصر العيني أو المقياس وطلع بالحج تلك السنة ورجع سنة ست وخمسين في امن وأمان وانتهت اليه الرياسة وشمخ على امراء مصر ونفذ احكامه عليهم قهرا عنهم وعمل في بيته دواوين لحكومات العامة وانصاف المظلوم من الظالم وجعل لحكومات النساء ديوانا خاصا ولا يجري احكامه الا على مقتضى الشريعة ولا يقبل الرشوة ويعاقب عليها ويباشر أمور الحسبة بنفسه وعمل معدل الخبز وغيره حتى الشمع والفحم ومحقرات المبيعات شفقة على الفقارء ومنع المحتسب من اخذ الرشوات وهجج الشهود من المحاكم وكان يرسل الخاصكية اتباعه في التعايين حتى على الامراء ولم يعهد عليه انه صادر أحدا في ماله واخذ مصلحة على ميراث ومات كثير من الأغنياء وأرباب الأموال العظيمة مثل عثمان حسون وسليمان جاويش تابع عثمان كتخدا فلم تطمح نفسه لشيء من أموالهم ولما ورد الامر بابطال المرتبات وجعلوا على تنفيذها مصلحة للباشا وغيره افرزوا له قدرا امتنع من قبوله واقتدى به رضوان بك وقال هذا من دموع الفقراء وان حصلت الإجابة كانت مظلمة وان لم تحصل كانت مظلمتين وكان عالي الهمة حسن السياسة ذكي الفطنة يحب إقامة الحق والعدل في الرعية وهابته العرب وامنت الطرق والسبل البرية والبحرية في أيامه وله حسن تدبير في الأمور طاهر الذيل شديد االغيرة ولم يأت بعد إسماعيل بك ابن ايواظ في امراء مصر من يشابهه أو
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»