هشام المستبد عليه وابن عباد من ملوك الطوائف بإشبيلية إذا سمعوا أن آباءهم كانوا قضاة أنهم مثل القضاة لهذا العهد ولا يتفطنون لما وقع في رتبة القضاء من مخالفة العوائد كما نبينه في فصل القضاء من الكتاب الأول وابن أبي عامر وابن عباد كانا من قبائل العرب القائمين بالدولة الأموية بالأندلس وأهل عصبيتها وكان مكانهم فيها معلوما ولم يكن نيلهم لما نالوه من الرئاسة والملك بخطة القضاء كما هي لهذا العهد بل إنما كان القضاء في الامر القديم لأهل العصبية من قبيل الدولة ومواليها كما هي الوزارة لعهدنا بالمغرب وانظر خروجهم بالعساكر في الطوائف وتقليدهم عظائم الأمور التي لا تقلد إلا لمن له الغنى فيها بالعصبية فيغلط السامع في ذلك ويحمل الأحوال على غير ما هي وأكثر ما يقع في هذا الغلط ضعفاء البصائر من أهل الأندلس لهذا العهد لفقدان العصبية في مواطنهم منذ أعصار بعيدة بفناء العرب ودولتهم بها وخروجهم عن ملكة أهل العصبيات (1) من البربر فبقيت أنسابهم العربية محفوظة والذريعة إلى العز من العصبية والتناصر مفقودة بل صاروا من جملة الرعايا المتخاذلين الذين تعبدهم القهر ورئموا للمذلة يحسبون أن أنسابهم مع مخالطة الدولة هي التي يكون لهم بها الغلب والتحكم فتجد أهل الحرف والصنائع منهم متصدين لذلك ساعين في نيله فأما من باشر أحوال القبائل والعصبية ودولهم بالعدوة الغربية وكيف يكون التغلب بين الأمم والعشائر فقلما يغلطون في ذلك ويخطئون في اعتباره ومن هذا الباب أيضا ما يسلكه المؤرخون عند ذكر الدول ونسق ملوكها فيذكرون اسمه ونسبه وأباه وأمه ونساءه ولقبه وخاتمه وقاضية وحاجبه ووزيره كل ذلك تقليد لمؤرخي الدولتين من غير تفطن لمقاصدهم والمؤرخون لذلك العهد كانوا يضعون
(٣١)