فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٦
* لو تعلم العذبات المائسات يمن * قد بان عنها إذن ما اخصرت العذب * * ولو درى منهل الوادي الذي وردوا * من وارد ماءه لاهتزه الطرب * * إني لأكظم أنفاسي إذا ذكروا * كي لا يحرقهم من زفرتي اللهب * * أسائل البان على ميل النسيم بهم * سؤال من ليس يدري فيه ما السبب * * وتلك آثار لين في قدودهم * جرت بها الريح فاهتزت بها القضب * * تصحوا السكارى ولا أصحو ظما بكم * ويسكر السكر من بعض الذي شربوا * وتظم الشيخ شهاب الدين محمود رحمه الله في هذه المادة * قضى وهذا الذي في حبهم يجب * في ذمة الوجد تلك الروح تحتسب * * ما كان يوم رحيل الحي عن إضم * لروحه في بقاء بعدهم ارب * * صب بكى أسفا والشمل مجتمع * كأنه كان لللتفريق يرتقب * * نأوا فذابت عليهم روحه كمدا * ما كان إلا النوى في حتفه سبب * * لم يدر أن قدود السمر مشبهة * للبيض لو لم يكن أسماءها القضب * * وظن كأس الهوى يصحو الشريد بها * إذا أوهمته الثنايا أنها الحبب * * طوبى له لم يبدل دين حبهم * بل مات وهو إلى الإخلاص ينتسب * * لو لم يمت فيهم ما عاش عندهم * حياته من وفاة الحب تكتسب * * بانوا وفي الحي ميت ناح بعدهم * له الحمام وسحت دمعها السحب * * وشق غصن النقا من أجله حزنا * جيوبه وأديرت حوله العذب * * وشاهد الغيث أنفاسا يصعدها * فعاد والبرق في أحشائه لهب * * يا بارق الثغر لو لاحت ثغورهم * وشمت بارقها ما فاتك الشنب * * ويا حيا جادهم إن لم تكن كلفا * ما بال عينك منها الماء ينسكب * * ويا قضيب النقا لو لم تجد خبرا * عند الصبا منهم ما هزك الطرب * * بالله يا نسمات الريح أين هم * وهل نأوا أم دموعي دونهم حجب * * بالله لما استقلوا عن ديارهم * أحنت الدار من شوق أم النجب * * وهل وجدت فؤادي في رحالهم * فإنه عندهم من بعض ما سلبوا * * نأوا غضابا وقلبي في إسارهم * يا ليتهم غصبوا روحي وما غضبوا *
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»