يخدم كل أحد من الأمراء الكبار المشايخ والخاصكية الكبار وأرباب الوظايف والجمدارية الصغار حتى الأوشاقية في الإصطبل وكان في أول الأمر ما يخرج القاضي فخر الدين صلاة الصبح إلا ويجدكريم الدين راكبا وهو ينتظره ويطلع في خدمته إلى القلعة ودام الأمر ستة أشهر أو ما حولها ثم إن فخر الدين كان يركب إلى بابه ويقف في خدمته ليطلع معه إلى القلعة وكان في كل يوم ثلاثاء يحضر إلى دار فخر الدين ويتغذى عنده ويحضر من داره مخفيتين لا يعود إليه شيء من ماعونهما الصيني أبدا وكان يركب في عدة مماليك أتراك تقارب السبعين مملوكا أو أكثر بكنابيش الزركش والطرز الذهب والأمراء في خدمته وبالجملة فما رأى أحد من المتعممين ما رآه كريم الدين وقيل إنه طلبه السلطان يوما إلى الدور فدخل وبقيت الخزندارة تروح مرات فيما تطلبه الخوندة طغاى فقال له السلطان يا قاضي أيش حاجة لهذا التطويل بنتك ما تختبي منك ادخل إليها أبصر ما تريده افعله فقام ودخل إليها وسير السلطان يقول لها أبوك هنا أبصري له ما يأكل فأخرجت له طعاما وقام السلطان بروحه إلى كرمة في الدار وقطع منها قطف عنب وأحضره وهو ينفخه من الغبار وقال يا قاضي كل من عنب دورنا وكان السلطان إذا أراد أن يعمل سوءا ويراه قد أقبل يقول جاء القاضي وما يدعنا نعمل ما نريد فيحدثه في إبطال ما كان هم به من الشر ومدة حياته لم يقع من السلطان إلا خير وأما مكارمه فإليها المنتهى قيل إنه حضرت إليه امرأة رفعت قصة تطلب منه إزارا فوقع لها بثمانمائة درهم فلما رأى الصيرفي القصة أنكر ذلك وحضر إليه وقال يا سيدي هذه سألت إزارا والإزار ما ثمنه هذا المبلغ فقال صدقت وأخذ القصة وقال هذه متاع الله وزادها ثمانين درهما وقال ما أردت إلا ثمانين ولكن الله أراد الثمانمائة فوزن الصيرفي للمرأة ثمانمائة وثمانين وقيل إنه كان له صيرفي يستدعي منه ما يصرفه لمن سأله شيئا وإن الصيرفي أحضر له مرة وصولات عديدة ليست بخطه فأنكرها فقال الصيرفي
(٥)