الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٩ - الصفحة ٣٦
وقلت أنا في ذلك (من مخلع البسيط) * العفو يا رب من بلاء * قوى الورى ما تطيق حمله * * أمر جرى في الوجود فردا * يا عجبا وهو لابن جمله * وأقام في الحبس خمسة عشر شهرا إلى أن شفع فيه موسى بن مهنا وولي بعده قاضي القضاة شهاب الدين بن المجد ولما خرج من الاعتقال أعطي الدولعية ثم تمرض وخلت المدرسة الشامية البرانية فدرس فيها أياما بعد الشيخ زيد الدين بن المرحل وكانت وفاته بالمسرورية رحمه الله تعالى ودفن عند أهله بوادي العظام وكنت قد كتبت تقليده بالقضاء لما كنت بالديار المصرية وهو الحمد لله الذي أعلى منار الشرع الشريف بجماله وجلا دجاه بمن تحسده البدور في الأفق ليالي التمام على كماله وشيد ركنه بمن يقصر باع السيف في جلاده عند جداله وحفظ قواعده بمن إذا أمسك قلم فتاويه تفيأت الأحكام تحت ظلاله وأحيى سننه بمن يتضح به سنن حرامه وحلاله ونشر لواء فضله بمن إذا طمى البحر المحيط فقل دع ذا فإنك عاجز عن حاله نحمده على نعمه التي ادخرت لأيامنا الشريفة حبرا عز بوجوده اجتماع المثلين واقتطف ثمار العلوم فما داناه أحد في الفروع ولا وصل معه إلى الأصلين وطال بالعلم ثم بالحلم وزاد في تطولاته ولم يتقصر على الطولين وأجمع الناس على استحقاقه بما وليناه فلم تكن المسألة فيه ذات قولين ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ندخرها ليوم القضاء والفصل ونعلم أنها أصل الإيمان وما سواها فرع والقياس رد فرع إلى أصل ونعتمد على بركات فضلها في الأمر والنهي والقطع والوصل وننال بإخلاصها على أعداء الدين عز العزم ونصر النصل ونشهد أن محمدا عبده ورسوله خير من قضى ومضى وأعدل من مضى وسيف شرعه إذا استقبله شكل حكم فيه ومضى وأشرف من ساس الناس بخلقه الرضى وحكمه المرتضى وأعز من أغضى الشيطان لظهور ملته على جمر الغضى صلى الله عليه وسلم خير من اتبع شرعه في أحكامه وخاف مقام ربه فشكر الله له حسن مقامه وقصر خطاه على ما أمره ونهاه فلم يكن له إقدام على حركة أقدامه واستبرأ لدينه في قضاياه فما أخطأت سهامه مرامي مرامه صلاة تتألق بأنوارها البروق اللامعة وتتعلق بأستارها الخلائق في الواقعة ما قبلت ثغور الأقلام خدود المهارق الساطعة ورقمت إبر الغمام برود الحدائق اليانعة وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين وبعد فإن منصب الشرع الشريف لا شك في عموم نفعه ولا مرية في أن السوابق جرت لنصبه والعوالي جرت لرفعه ولا ريب في أن شمم كل عرنين ينقاد صاغرا لوضعه ما
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»