الشيخ النجيب السهروردي ولبس الخشن وأكل الجشب وجلس في الخلوة وعمل الرياضيات والمجاهدات وظهر له كلام على لسان أهل الحقيقة وصار من المشار إليهم في الزهد والمعرفة وحدث باليسير وعاد إلى دمشق زائرا أهله فأدركه أجله رحمه الله سنة ثمان وخمسين وخمس مائة ودفن بقاسيون وكان يناظر في مسائل الخلاف ويعقد مجلس التذكير ويتردد من بغداد إلى الموصل للوعظ وكان موته بعلة الاستسقاء ومن شعره (من الوافر) * أنوم بعدها هجع النيام * وظلم بعدما انقشع الظلام * * فهذا الصبح في الفودين باد * ينادي [] من بقي الأنام * * فبادر يا فتى قبل المنايا * فمالك بعد ذا عذر يقام * * فعند الله موقفنا جميعا * وبين يديه ينفصل الخصام * 152 - فخر الدين ابن شيخ الشيوخ يوسف بن محمد بن عمر بن علي بن محمد ابن حمويه بن محمد بن حموية الأمير فخر الدين أبو الفضل بن صدر الدين شيخ الشيوخ الحموي الجويني كان أميرا جليلا كبيرا عالي الهمة فاضلا متأدبا سمحا جوادا ممدحا خليقا بالملك لما فيه من الأوصاف الجميلة وكان فيه كرم زائد وحسن تدبير وكان مطاعا محبوبا إلى الخاص والعام تعلوه الهيبة والوقار وأمه وأم إخوته ابنة شهاب الدين المطهر ابن الشيخ شرف الدين أبي سعد عبد الله بن أبي عصرون وكانت أرضعت الملك الكامل وكان أولادها الأربعة إخوة الكامل من الرضاعة وكان يحبهم ويعظمهم ويرعى جانبهم ولم يكن عنده أحد في رتبة الأمير فخر الدين لا يطوي عنه سرا ويثق به ويعتمد عليه في سائر أموره ونال الأمير فخر الدين وإخوته من السعادة ما لا ناله غيره
(١٤٥)