الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٤ - الصفحة ٢٢٥
* إذا ذكرت ليلى عقلت وراجعت * روائع عقلي من هوى متشعب * * وقالوا صحيح ما به طيف جنة * ولا الهم إلا بافتراء التكذب * * تجنبت ليلى أن يلج بك الهوى * وهيهات كان الحب قبل التجنب * * ألا إنما غادرت يا أم مالك * صدى أينما تذهب به الريح يذهب * ثم إن أبا المجنون وأمه وعشيرته اجتمعوا إلى أبي ليلى ووعظوه وناشدوه الرحم وقالوا له إن هذا الرجل هالك وقد حكمناك في المهر فأبى وحلف بالطلاق أنه لا يزوجه بها أبدا وقال أفضح نفسي وعشيرتي واسم ابنتي بميسم فضيحة فانصرفوا عنه وزوجها رجلا من قومه وبنى بها في تلمك الليلة فيئس المجنون وزال عقله جملة) فقال الحي لأبيه احجج به إلى مكة وادع الله له فلعله أن يخلصه فحج به فلما صار بمنى سمع صارخا بالليل يصيح يا ليلى فصرخ صرخة كادت نفسه تتلف وخر مغشيا عليه ولم يزل كذلك حتى أصبح ثم أفاق حائل اللون ذاهلا وأنشأ يقول * عرضت على قلبي العزاء فقال لي * من الآن فايأس لا أعزك من صبر * * إذا بان من تهوى وأصبح نائبا * فلا شيء أجدى من حلولك في القبر * * وداع دعا بالخيف غذ نحن من منى * فهيج أحزان الفؤاد وما يدري * * دعا باسم ليلى غيرها فكأنما * أطار بليلي طائرا كان في صدري * * دعا باسم ليلى ضلل الله بغيه * وليلى بأرض عنه نازحة قفر * قال العتبي مر المجنون ذات يوم بزوج ليلى وهو جالس يصطلي في يوم بارد وقد أتى ابن عم له في حي المجنون لحاجة فوقف عليه ثم أنشأ يقول * بربك هل ضممت إليك ليلى * قبيل الصبح أو قبلت فاها * * وهل رقت عليك قرون ليلى * رفيف الأقحوانة في نداها * فقال له اللهم غذ حلفتني فنعم فقبض المجنون بكلتا يديه قبضتين من الجمر فما فارقهما حتى سقط مغشيا عليه وسقط الجمر مع لحم راحته فقام زوج ليلى متعجبا منه مغموما بفعله ون شعره
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»