الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٢ - الصفحة ٩٣
روى ابن النجار في ذيله بسنده إلى أبي النصر المفضل بن علي الأزدي كاتب المقتدر ومؤدبه أنه حضر مجلس أبي الحسن بن الفرات وعن يمينه أبو الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجراح وعن يساره القاضي أبو عمر محمد بن يوسف وقد تأخر حامد بن العباس عن الحضور فقال الوزير أتعلمون السبب في تأخر حامد فقالوا لا قال ولكنني أعلم سبب ذلك انصرف البارحة مساء وداره بعيدة فأبطأ على جاريته فلما وصل استقبلته وقبلت جبينه وقالت يا مولاي أقلقتني بتأخرك فما الذي بطأ بك فقال موافقة الوزير أعزه الله على الحساب فقالت يا مولاي حساب في الدنيا وحساب في الآخرة حمل الله عنك ثم نزعت خفيه وقدمت نعليه وأفرغت عليه دست ثياب قد بخرتها وأخذت ثيابه عنه وقدمت إليه الطهور فلما صلى المغرب وعشاء الآخرة قدمت إليه طبقا تولت لغيبته ألوانه وقد وقفت مع الطباخة تحريا لنظافتها وأخذت تلقمه وتأكل منه ثم تولت غسل يديه وقدمت إليه الشراب وأصلحت عودها فشرب ثلاثة أرطال وشربت مثلها واغتبقا فلما أصبح دخل الحمام وخرج فسقته من الجلاب بالثلج ما قطع خماره وقدمت إليه طبقا من المحمضات ألوانا طيبة وهو الآن يأكل ثم قال غسل يده ولبس ثيابه ثم قال ركب وتوجه إلينا ثم لم يزل ينزله الطريق إلى أن قال هو في الدهليز ثم قال يدخل حامد فرفع الستر ودخل حامد فلما رأيناه ما تمالكنا أن ضحكنا فلما سلم وأخذ موضع جلوسه قال ما الذي أضحككم عند مشاهدتي قلنا صحة حدس الوزير فإن شئت اقتصصناه فقال تفضلوا فاقتصصنا ما جرى بأسره فتحير ثم قام على قدميه وحلف بالله جلت أسماؤه لولا أنه يعلم أن الوزير أعف خلق الله لقدرت أنها هي حدثته ما جرى فما أخل بشيء منه فضحك الجماعة فالتفت الوزير إلى علي بن عيسى فقال يا أبا الحسن ما أنفع الأشياء للمخمور حتى ينجلي خماره فقال والله ما عاقرت عليها ولا سكرت منها ولا أعرف داءها ولا دواءها فأعرض عنه والتفت إلى القاضي أبي عمر فقال أيها القاضي أفتنا فيما سألنا عنه أبا الحسن أعزه الله فلم يجبنا فقال القاضي نعم أطال الله بقاء الوزير قال سبحانه وتعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) * داو ماري من خماره * بابنة الدن وقاره *
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»