الدين بن شيخ الأطباء رضي الدين الرحبي ولد سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة وتوفي سنة سبع وستين وست مائة يوم عاشوراء قرأ الطب على والده وبرع فيه وأتقنه وصنف وأخذ أيضا عن الموفق عبد اللطيف وحرر كثيرا من العلوم عليه وقرأ العربية على السخاوي ولما احتضر المهذب الدخوار جعله مدرس مدرسته وكان منهمكا على علم النجوم زائغا عن الطريق صنف كتاب خلق الإنسان وهيئة أعضائه ومنافعها أحسن فيه ما شاء وكان يقول لتلاميذه أموت إذا اقترن الكوكبان الفلانيان وقولوا هذا للناس حتى يعرفوا مقدار علمي ومن شعره قصيدة منها سهام المنايا في الورى ليس تدفعوكل له يوما وإن عاش مصرع * فقل للذي قد عاش بعد قرينه * إلى مثلها عما قليل ستدفع * * فكل ابن أنثى سوف يفضي إلى ردى * ويرفعه بعد الأرائك شرجع * * ويدركه يوما وإن عاش برهة * قضاء تساوى فيه هم ومرضع * * فلا يفرحن يوما بطول حياته * لبيب فما في عيشة المرء مطمع * * فما العيش إلا مثل لمحة بارق * وما الموت إلا مثلما العين تهجع * * وما الناس إلا كالنبات فيابس * هشيم وغض إثر ما باد يطلع * * فتبا لدنيا ما تزال تعلنا * أفاويق كأس مرة ليس تنفع * * سحاب أمانيها جهام وبرقها * إذا شيم برق خلب ليس يهمع * * تغر بنيها بالمنى فتقودهم * إلى قعر مهواة بها المرء يوضع) * (فكم أهلكت في حبها من متيم * ولم يحظ منها بالمنى فيمتع * * تمنيه بالآمال في نيل وصلها * وعن غيه في حبها ليس يرجع * * أضاع بها عمرا له غير راجع * ولما ينل منها الذي يتوقع * * فصار لها عبدا لجمع حطامها * ولم يهن فيها بالذي كان يجمع * وهي مائة وثمانية عشر بيتا رثى بها والده
(٢١٩)