الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٩ - الصفحة ٢١٧
استسلمه على يد الأمير سيف الدين بكتمر الساقي وسلم إليه ديوان آنوك ابن السلطان فخدمته السعادة ولاحظته عيونها فلما توفي القاضي فخر الدين ناظر الجيش نقل السلطان شمس الدين موسى من نظر الخاص إلى الجيش ونقل النشو إلى نظر الخاص مع كتابة ابن السلطان وحج مع السلطان في تلك السنة وهي سنة اثنتين وثلاثين وسبع ماية ولما كان في الاستيفاء وهو نصراني كانت أخلاقه حسنة وفيه بشر وطلاقة وجه وتسرع إلى قضاء حوائج الناس وكان الناس يحبونه فلما تولى الخاص وكثر الطلب عليه من السلطان وزاد السلطان في الإنعامات والعمائر وبالغ في أثمان المماليك وزوج بناته واحتاج إلى الكلف العظيمة المفرطة الخارجة عن الحد ساءت أخلاق النشو وأنكر من يعرفه وفتحت أبواب المصادرات للكتاب ولمن معه مال وكان الناس يقومون معه ويقعون إلى أن حرج فازداد الشر أضعافه وهلك أناس كثيرون وسلب جماعة نعمهم وزاد الأمر إلى أن دخل الأمير سيف الدين بشتاك والأمير سيف الدين قوصون وجماعة من الخاصكية ومعهم عبد المؤمن الذي تقدم ذكره إلى السلطان فلما حضروا وأجلسهم وأخرج عبد المؤمن سكينا عظيمة من غلافها فارتاع السلطان فقال عبد المؤمن أنا الساعة) أخرج إلى النشو وأضربه بهذه السكينة وأنت تشنقني وأريح الناس من هذا الظالم فقال يا أمراء متى قتل هذا بغتة راح مالي ولكن اصبروا حتى نبرم الحال في أمره فلما كان ليلة اثنين ثاني شهر صفر سنة أربعين اجتمع السلطان به وقال له غدا نريد نمسك فلانا فاطلع أنت من سحر لتروح تحتاط عليه وأحضر جماعتك ليتوجه كل واحد منهم إلى جهة أعينها له فلما كان من بكرة النهار طلع إليه ودخل إليه واجتمع به وقرر معه الأمر وقال له أخرج حتى أخرج أنا وأعمل على إمساكه مع الأمراء فخرج وقعد على باب الخزانة قال السلطان لبشتاك أخرج إلى النشو وأمسكه فخرج إليه وأمسكه وأمسك أخاه رزق الله المذكور في حرف الراء وصهره وأخاه وجماعتهم وعبيدهم ولم ينجح منهم إلا المخلص أخو النشو فإنه كان في بعض الديرة فجهز إليه من أمسكه وأحضره وجهز رزق الله إلى بيت الأمير سيف الدين قوصون فلما أصبح وجدوه قد ذبح نفسه وأما النشو فتسلمه الأمير سيف الدين برسبغا الحاجب من الأمير سيف الدين بشتاك وعوقب هو وأخوه والمخلص ووالدتهما وعبيدهم وماتت والدته وأخوه المخلص تحت العقوبة في المعاصير والمقارع ثم إن السلطان رق على النشو ورفع عنه العقوبة ورتب له الجرائحية والشراب والفراريج فاستشعروا رضا السلطان عنه فأعيدت عليه العقوبة ومات تحتها وقيل إن الذي أخذ منه ومن إخوته وأمه وأخته وصهره وعبيدهم بلغ ثلاث ماية ألف دينار مصرية وفي إمساكه نظم القاضي علاء الدين علي بن فضل الله صاحب ديوان الإنشاء * في يوم اثنين ثاني الشهر من صفر * نادى البشر إلى أن أسمع الفلكا * * يا أهل مصر نجا موسى ونيلكم * وفى وفرعون وهو النشو قد هلكا *
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»