الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٩ - الصفحة ١٧٧
وكان قد سمع من ابن بطة كثيرا وصحبه وسمع من غيره وكان إذا ذكر المتنبي قال قال ابن عيدان بكسر العين المهملة والياء آخر الحروف ساكنة وفي شعر ابن عيدان كذا وكان زاهدا عرف الناس منه ذلك وإلا كانوا رموه بالحجارة لهيئته وكان يخرج من داره وقد اجتمع على بابه من أولاد الرؤساء جماعة فيمشي ويغدون معه يمينا وشمالا يلقي على هذا مسألة وعلى هذا مسألة وكان يتكبر على أولاد الأغنياء وإذا رأى الطالب غريبا أقبل عليه وكان متعصبا لمذهب أبي حنيفة وكان محترما فيما بين أصحابه وكان يعجبه الباذنجان ويقول في تفضيله إن الناس يأكلونه ثمانية أشهر في العام وهم أصحاء ولو أكلوا الرمان أربعة أشهر فلجوا ولما ورد الوزير عميد الملك الكندري إلى بغداد استحضر ابن برهان فأعجبه كلامه وعرض عليه مالا فلم يقبل له شيئا فأعطاه مصحفا بخط ابن البواب وعكازا حملت إليه من بلد الروم مليحة فأخذهما وعبر إلى منزله فدخل أبو علي ابن الوليد المتكلم فأخبره بالحال فقال له أنت تحفظ القرآن وبيدك عصا تتوكأ عليها فلم تأخذ شيئا فيه شبهة فنهض ابن برهان ودخل على قاضي القضاة أبي عبد الله ابن الدامغاني وقال له لقد كدت أهلك حتى نبهني أبو علي ابن الوليد وهو أصغر مني سنا وأريد أن تعيد هذه العكازة وهذا المصحف على عميد الملك) فيما يصحباني فأخذهما وأعادهما إليه وكان مع ذلك يحب المليح مشاهدة وإذا حضر أولاد الأمراء والأتراك وأرباب النعم يقبلهم بمحضر من آبائهم ولا ينكرون عليه ذلك لعلمهم بدينه وورعه وكان يقول لو كان علم الكيمياء حقا لما احتجنا إلى الخراج ولو كان علم الطلاسم حقا لما احتجنا إلى الجند ولو كان علم النجوم حقا لما احتجنا إلى الرسل والبريد وكان يحضر حلقته فتى مليح الوجه فانقطع عنه فسأل عنه فقيل له إن عميد الملك اعتقل والده فانحدر إلى بابا المراتب فصادف الكندري فحين رآه أقبل عليه مسلما ووقف والعالم حوله فقال له ابن برهان فيك الخصام وأنت الخصم والحكم ولم يزده على ذلك فوجم الكندري وسأل عمن في حبسه فأخبر بالجل وأن ابنه يغشى مجلس الشيخ للاقتباس فأطلقه ووهبه ما عليه وكان ثمانية عشر ألف دينار ومن شعر ابن برهان
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»