الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٩ - الصفحة ١٦١
3 (صفي الدين المغني)) عبد المؤمن بن فاخر صفي الدين قال العز الإربلي الطبيب كان كثير الفضائل يعرف علوما كثيرة منها العربية ونظم الشعر وعلم الإنشاء كان فيه غاية وعلم التاريخ وعلم الخلاف وعلم الموسيقى ولم يكن في زمانه من يكتب الخط المنسوب سوى الشيخ زكي الدين لا غير وهو بعده وفاق في فنه الأوائل والأواخر وبه تقدم عند خليفة زمانه وكانت آدابه كثيرة وحرمته وافرة وأخلاقه حسنة طيبة ثم قال واجتمعت به بمدينة تبريز في شهور سنة) تسع وثمانين وست ماية وأخبر صفي الدين عبد المؤمن قال ودرت بغداد صبيا وأثبت فقيها بالمستنصرية شافعيا أيام المستنصر واشتغلت بالمحاضرات والأدب والعربية وتجويد الخط فبلغت فيه من غاية ليس فوقها غاية ثم اشتغلت بضرب العود فكانت قابليتي فيه أعظم من الخط لكني اشتهرت بالخط ولم أعرف بغيره في ذلك الوقت ثم إن الخلافة وصلت إلى المستعصم فعمر خزانتي كتب متقابلتين برواق عزيز وأمر أن يختار لهما كاتبان يكتبان ما يختاره ولم يكن في ذلك الوقت أفضل من الشيخ زكي الدين وكنت دونه في الشهرة فرتبنا في ذلك ولم يعلم الخليفة أنني أحسن الضرب بالعود وكان ببغداد مغنية تعرف بلحاظ فائقة الجمال تغني جيدا فأحبها الخليفة وأجزل لها العطاء فكثر خدامها وجواريها وأملاكها فاتفق أن غنت يوما بين يديه بلحن طيب غريب فسألها عن ذلك فقالت هذا لصفي الدين المجود فقال علي به فأحضرت وضربت بين يديه بالعود فأعجبه ذلك وأمرني بملازمة مجلسه ورسم لي برزق وافر جزيل غير ما كان ينعم به علي وصرت أسفر بين يديه وأقضي للناس عنده حوائج كثيرة وكان لي مرتب في الديوان كل سنة خمس آلاف دينار يكون عنها دراهم مبلغ ستين ألف درهم وأحصل في قضاء أشغال الناس مثلها وأكثر منها وحضرت بين يدي هولاكو وغنيته وأضعف ما كان لي من الراتب أيام المستعصم واتصلت بخدمة الصاحب علاء الدين عطا الجويني وأخيه شمس الدين ووليت أيامهما كتابة الإنشاء ببغداد ورفعاني إلى رتبة المنادمة وضاعفا علي الإنعام والإحسان وبعد موت علاء الدين وقتل شمس الدين زالت سعادتي وتقهقرت إلى وراء في عمري ورزقي وعيشي وعلتني الديون وصار لي أولاد وأولاد أولاد كبرت سني وعجزت عن السعي
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»