الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٩ - الصفحة ١٥٦
شأن يجمع على طاعته أهل المغرب وكان ابن تومرت المذكور في المحمدين يقول لأصحابه هذا غلاب الدول وسمى نفسه أمير المؤمنين وقصده الشعراء ومدحوه ولما قال فيه الفقيه محمد بن العباس التيفاشي قصيدته التي أولها * ما هز عطفيه بين البيض والأسل * مثل الخليفة عبد المؤمن بن علي * أنشده هذا المطلع قال له حسبك وأجازه ألف دينار وفي ترجمة ابن تومرت طرف من ذكره يدل على بدء أمره ولما مات ابن تومرت لم يزل أمره بقوى ويظهر على النواحي ويدوخ البلاد وكان محبا لأهل العلم يستدعيهم من البلاد ويجزل لههم الصلات وينوه بهم وتسمى المصامدة بالموحدين لخوض ابن تومرت بهم في العقائد ولما مات خلف من الولد ستة عشر ولدا وهم محمد المخلوع وعلي وعمر ويوسف وعثمان وسليمان ويحيى وإسماعيل والحسن والحسين وعبد الله وعبد الرحمن وعيسى وموسى وإبراهيم ويعقوب وكان قد جعل وليه في العهد ولده محمدا فلما مات عبد المؤمن وتولى ابنه محمد اضطرب أمره وخلعوه بعد شهر ونصف واجتمعت الدول) على تولية يوسف أو عمر من إخوته فبايعوا يوسف فأقام في الخلافة اثنتين وعشرين سنة وأما عبد المؤمن فأقام في الملك ثلاثا وثلاثين سنة وأشهرا وكان ابن تومرت ينشد إذا أبصره قول أبي الشيص الخزاعي * تكاملت فيك أوصاف خصصت بها * فكلنا بك مسرور ومغتبط * * السن ضاحكة والكف مانحة * والنفس واسعة والوجه منبسط * ولم يصح عن ابن تومرت أنه استخلفه بل راعى أصحابه فيه إشارته فتم الأمر له وكمل وأول ما أخذ من البلاد وهران ثم تلمسان ثم سلا ثم سبتة ثم إنه انتقل إلى مراكش وحاصرها أحد عشر شهرا ثم ملكها أوائل سنة اثنتين وأربعين وخمس ماية واستوسق له الأمر وامتد ملكه إلى المغرب الأقصى والأدنى وبلاد إفريقية وكثير من بلاد الأندلس وخرج على عبد المؤمن ثوار كثيرون نصره الله عليهم وكان البيت الذي يسكنه مملوءا من الكتب فارغا مما يليق بالسلاطين من الفرش وغيرها وكان له رجلان من ثقاته أحدهما يجلس عند باب بيته والآخر عند باب قصره وله في قصره حمام لا بد له من دخوله في كل ليلة يديم قيام الثلث الأخير من الليل يصلي أجمعه ثم يصلي الصبح خلف إمام الجامع ثم يخرج إلى مجلسه
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»