رأيت يا يحيى مجلسنا فقلت أجل مجلس تفقه الخاصة والعامة فقال ما رأيت لكم حلاوة إنما المجلس لأصحاب الخلقان والمحابر وروى عن محمد بن عون عن ابن عيينة أن المأمون) جلس فجاءته امرأة فقالت يا أمير المؤمنين مات أخي وخلف ستمائة دينارا فأعطوني دينارا وقالوا هذا نصيبك فقال المأمون هذا نصيبك هذا خلف أربع بنات فقالت نعم قال لهن أربعمائة دينار وخلف والدة لها مائة دينار وخلف زوجة لها خمسة وسبعون دينارا بالله ألك إثنا عشر أخا قالت نعم قال لكل واحد ديناران ولك دينار واحد وقال المأمون لو عرف الناس حبي للعفو لتقربوا إلي بالجرائم وقيل إن ملاحا مر فقال أتظنون أن هذا ينبل في عيني وقد قتل أخاه الأمين فسمعها فتبسم وقال ما الحيلة التي أنبل في عين هذا السيد الجليل وكان المأمون بخراسان قد بايع بالعهد لعلي بن موسى الرضا الحسيني ونوه بذكره وغير زي آبائه من لبس السواد وأبدله بالحضرة فغضب بنو العباس بالعراق لهذين الأمرين وخلعوه وبايعوه إبراهيم بن المهدي عمه ولقبوه المبارك فحاربه الحسن ابن سهل فهزمه إبراهيم وألحقه بواسط وأقام إبراهيم بالمدائن ثم سار جيش الحسن وعليهم حميد الطوسي وعلي بن هشام فهزموا إبراهيم فاختفى وانقطع خبره إلى أن أظهر في وسط خلافة المأمون فعفا عنه على ما ذكرته في ترجمة إبراهيم وتقدم رجل غريب بيده محبرة فقال يا أمير المؤمنين صاحب حديث منقطع به فقال ما تحفظ في باب كذا فلم يذكر فيه شيئا فما زال المأمون يقول حدثنا هشيم وحدثنا يحيى وحدثنا الحجاج حتى ذكر الباب ثم سأله عن باب آخر فلم يذكر فيه شيئا فقال المأمون حدثنا فلان وحدثنا فلان إلى أن قال لأصحابه يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيام ثم يقول اعطوني أنا من أصحاب الحديث أعطوه ثلاثة دراهم ومع ذلك فكان مسرف الكرم جوادا ممدحا فرق ساعة ستة وعشرين ألف ألف درهم ومدحه أعرابي مرة فأجازه بثلاثين ألف دينار وقال أبو معشر كان أمارا بالعدل ميمون النقيبة فقيه النفس يعد مع كبار العلماء وأهدى إليه ملك الروم تحفا سنية منها مائة رطل مسك ومائة حلة سمور فقال المأمون أضعفوها له ليعلم عز الإسلام وذل الكفر وقال يحيى بن أكثم كنت عند المأمون وعنده جماعة من قواد خراسان وقد دعا إلى خلق القرآن فقال لهم ما تقولون في القرآن فقالوا كان شيوخنا يقولون ما كان فيه من ذكر الجمال والبقر والخيل والحمير فهو مخلوق وما سوى ذلك فهو غير مخلوق فأما إذ قد قال أمير المؤمنين هو مخلوق فنحن نقول كله مخلوق فقلت للمأمون أتفرح بموافقة هؤلاء وقال ابن عرفة أمر المأمون مناديا فنادى في الناس ببراءة الذمة ممن ترحم على معاوية أو ذكره بخير وكان كلامه في القرآن) سنة اثنتي عشرة فكثر المنكرلذلك وكاد البلد يفتن ولم يلتئم له من ذلك ما أراد
(٣٥١)