الكافر إذا صلى في دار الحرب كانت صلاته إسلاما وولد القاضي أبو الطيب بآمل طبرستان سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة وتوفي سنة خمسين وأربعمائة عن مائة وسنتين ولم يختل عقله ولا تغير فهمه يفتي مع الفقهاء ويستدرك عليهم الخطأ وهو أحد الأعلام وكان له قميص وعمامة بينه وبين أخيه إذا خرج ذاك من البيت قعد هذا وإذا خرج هذا قعد ذاك ودخلوا عليه يوما فوجدوه عريانا مؤتزرا بمئزر فاعتذر من العري وقال نحن كما قال الشاعر * قم إذا غسلوا ثياب جمالهم * لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل * وتفقه بآمل على الزجاجي صاحب ابن القاص وقرأ على أبي سعيد الإسماعيلي وأبي القاسم ابن كج بجرجان ثم ارتحل إلى نيسابور وأدرك أبا الحسن الماسرجسي وتفقه عليه أربع سنين) ثم قدم بغداد وحضر مجلس الشيخ أبي حامد الإسفراييني وعليه قرأ الشيخ أبو إسحاق الشيرازي وقال في حقه لم أر في من رأيت أكمل اجتهادا وأشد تحقيقا وأجود نظرا منه وشرح مختصر المزني وفروع ابن الحداد وصنف في الأصول والمذهب والخلاف ولجدل كتبا كثيرة واستوطن بغداد وولي القضاء بربع الكرخ بعد موت أبي عبد الله الصيمري ولم يزل على القضاء إلى أن توفي ببغداد رحمه الله تعالى وكتب إلى أبي العلاء المعري لما أن قدم بغداد ونزل في سويقة غالب * وما ذات در لا يحل لحالب * تناوله واللحم منها محلل * * لمن شاء في الحالين حيا وميتا * ومن رام شرب الدر فهو مضلل * * إذا طعنت في السن فالطعم طيب * وآكله عند الجميع مغفل * * وخرفانها للأكل فيها كزازة * فما لحصيف الرأي فيهن مأكل * * وما يجتني معناه إلا مبرز * عليم بأسرار القلوب محصل * فأملى المعري الجواب ارتجالا على الرسول * جوابان عن هذا السؤال كلاهما * صواب وبعض القائلين مضلل * * فمن ظنه كرما فليس بكاذب * ومن ظنه نخلا فليس يجهل * * لحمومهما الأعناب والرطب الذي * هو الحل والدر الرحيق المسلسل * * ولكن ثمار النخل وهي غضيضة * تمر وغضن الكرم يجنى ويؤكل * * يكلفني القاضي الجليل مسائلا * هي النجم قدرا بل أعز وأطول * * ولو لم أجب عنها لكنت بجهلها * جديرا ولكن من يودك مقبل * فأجابه القاضي عن ذلك بقوله
(٢٣١)