ديوان الخليفة ودعا له ونثر عليه من الدراهم والدنانير الكثيرة وحصل لصاعد مال عظيم وحشمه الخليفة والوزير وقدمه وزكاه وتقدم على من كان في زمانه وله من الكتب مقالة في مرض المراقيا ومداواتها ألفها لبعض إخوانه 3 (صاعد ابن توما الطبيب)) صاعد بن يحيى بن هبة الله بن توما النصراني من أهل بغداد كان من الأطباء المتميزين وكان طبيب نجم الدولة أبي اليمن نجاح الشرابي وارتقت به الحال إلى أن صار وزيره وكاتبه ثم دخل إلى الناصر وكان يشارك من يحضر من أطبائه أوقات مرضه وحظي عنده وسلم إليه عدة جهات يخدم بها وكان بين يديه فيها عدة دواوين وقتل سنة ستمائة حضر إليه جماعة من الأجناد الذين كانت أرزاقهم تحت يده فخاطبهم ببعض ما فيه مكروه فكمن له اثنان منهم ليلا وقتلاه بالسكاكين وأمر الناصر بحمل ما في خزانته من المال إلى الخزانة ويبقى القماش والأملاك لولده وكان الذي حمل من عنده ثمانمائة ألف وثلاثة عشر ألف دينار وبقي الأثاث والأملاك بما يقارب تتمة ألف ألف دينار وكان من ذوي المروءات حسن الوساطة جميل المحضر قضيت على يده حاجات وقال القفطي إن الإمام الناصر حصل له ضعف في بصره وسهو في بعض الأوقات لأحزان توالت على قلبه ولما عجز عن النظر في القصص والإنهاءات استحضر امرأة من النساء تعرف بست نسيم وكانت تكتب خطا قريبا من خطه وجعلها بين يديه تكتب الأجوبة في الرقاع وشاركها في ذلك الخادم تاج) الدين رشيق ثم تزايد الأمر بالناصر فصارت المرأة تكتب في الأجوبة بما تراه فمرة تصيب ومرة تخطئ ويشاركها رشيق في مثل ذلك فاتفق أن كتب الوزير القمي مؤيد الدين مطالعة وعاد جوابها وفيه اختلال بين فأنكر الوزير ذلك فعرفه صاعد المذكور ما الخليفة عليه من عدم البصر والسهو الطارئ في أكثر الأوقات وما تعتمده المرأة والخادم من الأجوبة فتوقف الوزير عن العمل بأكثر الأمور الواردة عليه وتحقق الخادم والمرأة ذلك وحدسا أن الطبيب هو الذي دل على ذلك فقرر رشيق مع رجلين من الجند أن يغتالا الحكيم ويقتلاه وكانت قتلته سنة عشرين وستمائة وأمسك قاتلاه وصلبا 3 (صاعد بن المؤمل الطبيب)) صاعد بن هبة الله بن المؤمل النصراني الطبيب وكان اسمه أيضا ماري وكنيته أبو الحسين قال ابن أبي أصيبعة كان طبيبا فاضلا وخدم بالدار العزيزة الناصرية الإمامية وكسب بخدمته وصحبته الأموال وكانت له الحرمة الوافرة والجاه العظيم وكان قد قرأ الأدب على أبي الحسن علي بن عبد الرحيم العصار وعلى أبي محمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن الخشاب النحوي وعلى شرف الكتاب وغيرهم وله معرفة
(١٣٩)