الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٣ - الصفحة ٢٤٣
ينسين المصائب مر الليالي والمرأة الحسناء ومحادثة الرجال قال علي بن نصر الجهضمي رأيت الخليل بن أحمد في النوم فقلت له ما صنع الله بك فقال أرأيت ما كنا فيه لم يكن شيئا وما وجدت أفضل من سبحان الله والحمد لله والله أكبر وقال الخليل اجتزت في بعض أسفاري براهب في صومعة فوقفت عليه والمساء قد أزف جدا وخفت من الصحراء فسألته أن يدخلني فقال من أنت قلت الخليل بن أحمد فقال أنت الذي يزعم الناس أنك وجيه واحد في العلم بعلم العرب فقلت كذا يقولون ولست كذلك فقال إن أجبتني عن ثلاث مسائل جوابا مقنعا فتحت لك الباب وأحسنت ضيافتك وإلا لم أفتح لك فقلت وما هي قلا ألسنا نستدل على الغائب بالشاهد فقلت بلى قال فأنت تقول أن الله تعالى ليس بجسم ولا عرض ولسنا نرى شيئا بهذه الصفة وأنت تزعم أن الناس في الجنة يأكلون ويشربون ولا يتغوطون وأنت لم تر آكلا ولا شاربا إلا متغوطا وأنت تقول أن نعيم) أهل الجنة لا ينقضي وأنت لم تر شيئا إلا منقضيا قال الخليل فقلت له بالشاهد الحاضر استدللت على ذلك كله أما الله تعالى فإنما استدللت عليه بأفعاله الدالة عليه ولا مثل له وفي الشاهد مثل ذلك وهو الروح التي فيك وفي كل حيوان تعلم أنك تحس بها وهي تحت كل شعرة منا ونحن لا ندري أين هي ولا كيف هي ولا ما صفتها ولا ما جوهرها ثم نرى الإنسان يموت إذا خرجت ولا يحس بشيء خرج منه وإنما استدللنا عليها بأفعالها وبحركاتها وتصرفنا بكونها فينا وأما قولك أن أهل الجنة لا يتغوطون مع الأكل فالشاهد لا يمنع ذلك ألا ترى الجنين يغتذي في بطن أمه ولا يتغوط وأما قولك أن نعيم أهل الجنة لا ينقضي مع أن أوله موجود فإنا نجد أنفسنا نبتدىء الحساب بالواحد ثم لو أردنا أن لا ينقضي لما لا نهاية له لم نكرره واعداده تضعيفه إلى انقضاء ما قال ففتح الباب لي وأحسن ضيافتي قال ياقوت في معجم الأدباء هذا الجواب كما شرط الراهب إقناعي لا قطعي وكان عبد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة يأتي جارا له يقول بالنجوم فدخل في قلبه شيء بجاء لي الخليل فقال له أنت عبد الله بن الحسن قال نعم فسأله عن شيء من القدر فقال الخليل أخبرني عن الحاء من أين مخرجها قال من الحلق قال فأخبرني عن الباء من أين مخرجها فقال من طرف اللسان قال تقدر أن تخرج هذه من مخرج هذه قال لا قال ثم فإنك مائق ثم أنشأ يقول من الخفيف * أبلغا عني المنجم أني * كافر بالذي قضته الكواكب * عالم أن ما يكون وما كان بحتم من المهيمن واجب ويقال أن الخليل بما أراد أن يضع العروض خلا في بيت ووضع بين يديه طستا أو ما أشبه
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»