الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١١ - الصفحة ١٢١
البرمكي وزير هارون الرشيد كان من علو القدر ونفاذ الأمر وبعد الهمة وعظم المحل وجلالة المنزلة عند هارون الرشيد بحالة انفرد بها ولم يشارك فيها وكان سمح الأخلاق طلق الوجه ظاهر البشر وأما جوده وسخاؤه وبذله وعطاؤه فكان أشهر من أن يذكر وكان من ذوي الفصاحة المشهورين باللسن والبلاغة يقال إنه وقع ليلة بحضرة هارون الرشيد زيادة على ألف توقيع ولم يخرج في شيء منها عن موجب الفقه وكان أبوه قد ضمه إلى القاضي أبي يوسف الحنفي حتى علمه وفقهه إعتذر إليه رجل فقال له جعفر قد أغناك الله بالعذر منا عن الاعتدار إلينا وأغنانا بالمودة لك عن سوء الظن بك ووقع إلى بعض عما له كثر شاكوك وقل شاكروك فإما اعتدلت وإما اعتزلت وبلغه أن الرشيد مغموم لأن منجما من اليهود دخل إليه وزعم أنه يموت في تلك السنة فركب جعفر وأتى إلى الرشيد فقال لليهودي أن تتزعم أن أمير المؤمنين يموت إلى كذا وكذا يوما) قال نعم قال وأنت كم عمرك قال كذا وكذا أمدا طويلا فقال للرشيد حتى تعلم أ ه كاذب في أمدك كما كذب في أمده فقتله وذهب ما كن بالرشيد وصلب اليهودي فقال أشجع السلمي من الطويل * سل الراكب الموفي على الجزع هل * رأى لراكبه نجما بدا غير أعور * * ولو كان نجم مخبرا عن منية * لأخبره عن رأسه المتحير * * يعرفنا موت الإمام كأنه * يعرفه أنباء كسرى وقيصر * * أتخبر عن نحس لغيرك شؤمه * ونجمك بادي الشر يا شر مخبر * ومضى دم المنجم هدرا بحمقه وحكى ابن الصابىء في كتاب الأماثل والأعيان عن
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»