الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٠ - الصفحة ٨٢
مسلمات فأقمن في السوق وقال المقداد بن الأسود والله لا أشهد لأحد أنه من أهل الجنة حتى أعلم ما يموت عليه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لقلب ابن آدم أسرع انقلابا من القدر إذا استجمعت غليا وقيل كان أبو أيوب الأنصاري عامل المدينة لعلي بن أبي طالب ففر أبو أيوب ولحق بعلي ودخل بسر المدينة فصعد منبرها فقال أين شيخي الذي عهدته بالأمس يعني عثمان ثم قال يا أهل المدينة والله لولا ما عهده إلي معاوية ما تركت فيها محتلما إلا قتلته ثم أمر أهل المدينة بالبيعة لمعاوية وأرسل إلى بني سلمة فقال ما لكم عندي ولا مبايعة حتى تأتوني بجابر بن عبد الله فأخبر جابر فانطلق حتى جاء أم مسلمة أم المؤمنين فقال لها ماذا ترين فإني خشيت أن أقتل وهذه بيعة ضلالة فقالت أرى أن تبايع وقد أمرت ابني عمر بن أبي سلمة أن يبايع فأتى جابر بسرا فبايعه لمعاوية ثم انطلق حتى أتى مكة وبها أبو موسى فخافه أبو موسى على نفسه فهرب فقيل ذلك لبسر فقال ما كنت لأقتله وقد خلع عليا ولم يطلبه ثم توجه إلى اليمن فوجد عبيد الله بن العباس قد مر إلى علي بن أبي طالب وولى مكانه عبيد الله بن المدان الحارثي فقتله وقتل ولدي عبيد الله وكان بسر من الأبطال الطغاة وكان معاوية بصفين فأمره أن يلقى عليا وقال له سمعتك تتمنى لقاءه فلو ظفرك الله به حصلت على دنيا وآخرة ولم يزل يشجعه ويمنيه حتى رآه فقصده في الحرب والتقيا فصرعه علي وعرض له معه كما عرض له مع عمرو بن العاص لأن عمرا لما صرعه علي انكشف له فكف علي عنه أنفة وفي ذلك يقول الحارث بن النضر السهمي وكان عدوا لعمرو ولبسر * أفي كل يوم فارس ليس بنتهي * وعورته وسط العجاجة باديه * * يكف لها عنه علي سنانه * ويضحك منه في الخلاء معاوية * * بدت أمس من عمرو فقنع رأسه * وعورة بسر مثلها حذو حاذيه * * فقولا لعمرو ثم بسر ألا انظرا * سبيلكما لا تلقيا الليث ثانيه * * ولا تحمدا إلا الحيا وخصاكما * هما كانتا والله للنفس واقيه * * ولولاهما لم تنجوا من سنانه * وتلك بما فيها من العود ناهيه * * متى تلقيا الخيل المشيحة صبحة * وفيها علي فاتركا الخيل ناحية * * فكونا بعيدا حيث لا تبلغ القنا * نحوركما إن التجارب كافيه *) قال ابن عبد البر إنما كان انصراف علي رضي الله عنه عنهما وعن أمثالهما لأنه كان لا يرى في قتال الباغين عليه من المسلمين أن يتبع مدبر ولا يجهز على جريح ولا يقتل أسير وتلك كانت سيرته في حروبه في الإسلام وعلى ما روي عن علي في ذلك مذاهب فقهاء الأمصار بالحجاز
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»