وأحكام القرآن لم يسبق إليه ومعاني القرآن وكان وافر الحرمة ظاهر الحشمة وتفقه على أحمد بن المعذل وكان أبو بكر بن مجاهد يصف كتابيه أحكام القرآن والقراءات وقال مرات القاضي إسماعيل أعلم مني بالتصريف وبلغ من العمر ما صار به واحدا في عصره في علو الإسناد وكان الناس يصيرون إليه فيقتبس كل فريق علما لا يشاركه فيه الآخر وتولى في خلافة المتوكل لما مات سوار بن عبد الله ولم يعز له أحد من الخلفاء غير المهتدي فإنه نقم على أخيه حماد بن إسحاق شيئا فضربه بالسياط وعزل إسماعيل إلى أن قتل المهتدي وولي المعتمد فأعاده إلى القضاء ولم يزل على قضاء جانبي بغداد إلى أن مات ولم يقلد قضاء القضاة لأن الحسن ابن أبي الشوارب كان قاضي القضاة وإقامته بسر من رأى ولما مات إسماعيل بقيت بغداد ثلاث أشهر بغير قاض حتى ضج الناس ورفع الأمر إلى المعتضد فاختار عبيد الله بن سليمان ثلاثة قضاة أبا حازم وعلي بن أبي الشوارب ويوسف وهو ابن عم إسماعيل فولي أبو حازم الكرخ وابن أبي الشوارب مدينة المنصور ويوسف الجانب الشرقي ودخل عليه عبدون بن صاعد الوزير وكان نصرانيا فقام له القاضي ورحب به فرأى إنكار الشهود ومن حضره فلما خرج من عنده قال لهم قال الله تعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم وهذا الرجل يقضي حوائج المسلمين وهو سفير بيننا وبين خليفتنا وهذا من البر فسكت الجماعة قال المبرد لما توفيت والدة القاضي رأيت من ولهه ما لم يقدر على ستره وكان كل يعزيه لا يسلو فسلمت عليه وأنشدته من المتقارب * لعمري لئن غل ريب الزمان * فساء لقد غال نفسا حبيبه) * (ولكن علمي بما في الثوا * ب عند المصيبة ينسي المصيبة * فتفهم كلامي واستحسنه وكتبهما وزالت عنه تلك الكآبة وانبسط قال ياقوت قرأت بخط أبي سعد بإسناد رفعه إلى أبي العباس ابن الهادي قال كنت عند إسماعيل بن إسحاق القاضي في منزله فخرج يريد صلاة العصر ويدي في يده فمر ابن البزي وكان غلاما جميلا فنظر إليه وقال وهو يمشي في المسجد من الكامل * لولا الحياء وأنني مشهور * والعيب يعلق بالكبير كبير * * لحللت منزلها الذي تحتله * ولكان منزلنا هو المهجور * وانتهى إلى منزل على باب داره فقال الله أكبر الله أكبر ثم مر في أذانه والشعر لإبراهيم ابن المهدي وحكى أبو حيان هذه الحكاية كما مرت وزاد فيها فقيل له افتتحت أذانك بقول الشعر فقال دعوني فوالله لو نظر أمير المؤمنين إلى ما نظرت إليه لشغله عن تدبير ملكه قيل له فهل قلت شيئا آخر فيه قال نعم أبيات عبثت بي وأنا في المحراب فما استتممت قراءة الحمد حتى فرغت منها وهي من المنسرح
(٥٧)