وله أيضا * عفتم من الحب بداياته * وعبتم أقصى نهاياته * * ولمتموني فيه واللوم لا * يصلح في أهل ولاياته * * فبالغوا في لومكم وأبلغوا * أقصى تناهيه وغاياته * * فوالذي أرجوه في محشري * وحرمة الذكر وآياته) * (ألية آليتها برة * لا مت إلا تحت راياته * وله أيضا * فلم تذق عيني مذ أبصرته * من شقائي طول ليلي وسنا * * ولها في ذاك عذر واضح * فهو كالبدر سناء وسنا * وله أيضا * ليس على الأرض في زماني * من شأنه في الحديث شاني * * نقلا ونقدا ولا علوا * فيه على رغم كل شاني * وكان جيد الضبط وخطه معروف وله أجزاء كثيرة يقول في آخر كل منها وهي أجزاء كبار كتبت جميع هذا الجزء في الليلة الفلانية وقال أكتب إلى قبيل الفجر ثم أنام وكان كأنه شعلة نار في تحصيل الحديث وكان ابن الأكفاني شيخه يقوم له ويتلقاه ويعظمه وإذا خرج يشيعه وكتب حتى عن من كتب عنه ولم يزل يسمع إلى ليلة وفاته ولم يزل أمره يعظم بالإسكندرية حتى صار له عند ملوك مصر الاسم والجاه العريض والكلمة النافذة مع مخالفته لهم في المذهب وقلة مبالاته بهم في أمر الدين لعقله ودينه وحسن مجالسته وأدب نفسه وتألفه الناس واعترافه بالحقوق وشكره لها وإرفاده للوفاد وكان لا يكاد تبدو منه جفوة في حق أحد وإن بدأته بادرها حتى لا ينفصل عنه أحد إلا طيب القلب وكان يجلس من أول المجلس إلى آخره لا يبصق ولا يتنخم ولا يشرب ولا يتورك في جلوسه ولا يبدو له قدم وإن بدت غطاها وكان السلطان صلاح الدين تحدث هو وأخوه في مجلسه وهما يسمعان عليه فزبرهما وقال أيش هذا نحن نقرأ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتما تتحدثان وقصده الناس ورحلوا حتى السلطان صلاح الدين وأولاده وإخوته وتوفي ليلة الجمعة خامس شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمس مائة بعد الزياة على المائة بسنين لأن مولده بعيد السبعين والأربع مائة على خلاف فيه لأنه قال أنا أذكر قتل نظام الملك في سنة خمس وثمانين وكان عمري في حدود عشر سنين وبنى له العادل علي بن السلار أمير مصر مدرسة بالإسكندرية ولما مات وجدت خزائن كتبه قد التصقت وعفنت لكثرتها فكانوا يستخلصونها بالفأس وتلف أكثرها وارتحل إليه ابن سناء الملك المشهور وسمع عليه الحديث وامتدحه بقصيدة التي أولها
(٢٣١)