الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٦ - الصفحة ٩٣
بن محمود كاتب سر دمشق وقد تقدم ذكره في المحمدين كتب المنسوب الأقلام السبعة طبقة وهو من أظرف الناس فيما يكتبه خصوصا من التاريخ والحواشي على الهوامش كتب بخطه المليح نسخة بجامع الأصول لم ير أحد أظرف منها وكتب السيرة لابن هشام بخطه أيضا من أحسن ما يكون وكان والده ينشئ المناشير والتقاليد والتواقيع ويكتبها هو بخطه فتجيء نهاية في الحسن لفظا وخطا وكان القاضي علاء الدين ابن الأثير يألفه ويأنس به كثيرا ولما عزل القاضي عماد الدين إسماعيل) ابن القيسراني عن كتابة سر حلب جهز هذا جمال الدين إلهيا فأقام في حلب قريبا من ست عشرة سنة ثم إن السلطان الملك الناصر عزله في نوبة الحلبيين ولؤلؤ سنة ثلاث وثلاثين وسبع مائة فطلب إلى القاهرة ورسم عليه في دار الوزارة مديدة وفرج عنه وتوجه الأمير سيف الدين تنكز إلى مصر طلبه من السلطان فأنعم له به ورتب في جملة كتاب الإنشاء بدمشق وصاحب الديوان إذ ذاك ابن أخيه القاضي شرف الدين أبي بكر وسيأتي ذكره في حرف الباء إن شاء الله تعالى فأقام بدمشق قليلا وعزل شرف الدين من كتابة السر بدمشق على ما يأتي في ترجمته وأبطل جمال الدين فلازم بيته يسمع أولاده الحديث وعكف على نسخ السيرة فلما كان سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة في ما أظن طلبه السلطان إلى مصر ورتب بعد مديدة في جملة كتاب الإنشاء ولما توفي صلاح الدين ابن عبيد الله رحمه الله أعطي معلومه ثم إن القاضي علاء الدين ابن فضل الله أقبل عليه وسلم إليه الديوان ورتبه في جملة موقعي الدست يجلس بين يدي السلطان ويجلس قدام النائب ولم يزل كذلك إلى أن طلب القاضي ناصر الدين من حلب إلى كتابة السر بدمشق فرسم للقاضي جمال الدين بعوده إلى كتابة سر حلب في سنة سبع وأربعين وسبع مائة فتوجه إليها ثانية ولم يزل بها كاتب السر إلى أن عزل بالقاضي زين الدين عمر بن أبي السفاح في جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وسبع مائة ورتب له راتب يكفيه وهو شهي الألفاظ حسن المحاضرة حفظة للأشعار والحكايات ممتع المذاكرة له ذوق في الأدب يذوق التورية والاستخدام ويذوق البديع ويحفظ من الألغاز كثيرا وسمع على الأبرقوهي وغيره من مشايخ عصره وأجاز لي مرويات بخطه في سنة ست وثلاثين وسبع مائة بدمشق لازمته مدة مقامي بالقاهرة سنة خمس وأربعين وسبع مائة بديوان الإنشاء بالقلعة وما كنت أحسبه ينظم شيئا إلى أن أنشدت جماعة الموقعين لغزا في مثقاب نظمته قديما وهو * ما غائص في يابس كلما * تضربه سوطا أجاد العمل * * ذو مقلة غاص بها رأسه * والرأس في العادة مأوى المقل * فكتب القاضي جمال الدين الجواب * ميقات ما ألغزت لي في اسمه * تم بتصحيفي له واكتمل * * يدور بالقوس مدى سيره * بدأ وعودا ليتم العمل *) وكتب إلي ملغزا في غلبك
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»