فحزنا عليه سنة كاملة كما شرط قال ابن شاذان بكر يوما نفطويه إلى درب الرواسين فلم يعرف الموضع فقال لرجل يبيع البقل أيها الشيخ كيف الطريق إلى درب الرواسين قال فالتفت البقلي إلى جار له فقال يا فلان ألا ترى إلى هذا الغلام فعل الله به وصنع قد احتبس) علي قال وما الذي تريد منه فقال عوق السلق علي فما عندي ما أصفع به هذا العاض بظر أمه فانسل نفطويه ولم يجبه قال ياقوت في معجم الأدباء وقد صيره ابن بسام نفطويه بضم الطاء وتسكين الواو وفتح الياء فقال * رأيت في النوم أبي آدما * صلى الله عليه ذو الفضل * * فقال أبلغ ولدي كلهم * من كان في حزن وفي سهل * * بأن حوا أمهم طالق * إن كان نفطويه من نسلي * انتهى كلام ياقوت رحمه الله استغرب ما وقع من ابن بسام وهذه عادة المحدثين فإنهم لا ينطقون بهذه الأسماء التي أخراها ويه إلا على هذه الصيغة ما خلا إسحاق بن راهويه فإنهم لا يقولون إلا إسحاق بن راهويه بفتح الواو وسكون الياء على أنه اسم صوت فرأوا التجنب من التلفظ بلفظة ويه فيقولون سيبويه وحمويه وزنجويه ودرستويه وكان نفطويه مع كونه من أعيان العلماء غير مكترث بإصلاح نفسه وكان يفرط به الصنان فلا يغيره فحضر يوما مجلس حامد بن العباس وزير المقتدر فتأذى هو وجلساؤه بصنانه فقال الوزير يا غلام أحضرنا مرتكا فجاء به فبدأ الوزير بنفسه فتمرتك وأدراه على جلسائه فتمرتكوا وفطنوا ما أراد بنفطويه فقال نفطويه لا حاجة لي به فراجعه فأبى فاحتد حامد بن العباس وقال يا عاض كذا من أمه إنما تمرتكنا من أجلك فإنا تأذينا بصنانك قم لا أقام الله لك وزنا أخرجوه عني وأبعدوه حتى لا أتأذى به وكان نفطويه يقول بقول الحنابلة إن الاسم هو المسمى وجرت بينه وبين الزجاج مناظرة أنكر عليه الزجاج على ذلك موافقته الحنابلة قلت الاسم غير المسمى وإلا لزمهم أن من يقول النار أن يحترق فمه والصحيح أنه قد يجيء في مواطن ويراد به المسمى كقوله تعالى سبح اسم ربك الأعلى ومن تصانيفه كتاب التاريخ الاقتصارات البارع غريب القرآن المقنع في النحو والمصادر والوزراء والملح والأمثال وأمثال القرآن والرد على من قال بخلق القرآن وأن العرب تتكلم طبعا لا تعلما والرد على المفضل بن سلمة في نقضه على الخليل والرد على من يزعم أن العرب يشتق كلامها بعضه من بعض والاستثناء والشرط في القرآن والشهادات وله شعر منه قوله * قلبي عليك أرق من خديكا * وقواي أوهى من قوى جفنيكا * * لم لا ترق لمن يعذب نفسه * ظلما ويعطفه هواه عليكا *) قال الثعالبي لقب نفطويه لدمامته وأدمته تشبيها له بالنفط وفيه يقول محمد بن زيد بن علي بن الحسين المتكلم الواسطي صاحب الإمامة وكتاب إعجاز القرآن * من سره أن لا يرى فاسقا * فليجتهد أن لا يرى نفطويه *
(٨٦)