* خلت الديار فسدت غير مسود * ومن العناء تفردي بالسودد * والأصل في هذا كله قول لبيد الكامل * ذهب الذين يعاش في أكنافهم * وبقيت في خلف كجلد الأجرب * كانت ولادة أبي منصور في شهر رجب سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة ووفاته ببغداد في شهر رمضان سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة 3 (الغزالي)) ) محمد بن محمد بن محمد ابن أحمد حجة الإسلام زين الدين أبو حامد الطوسي الفقيه الشافعي لم يكن في آخر عصره مثله اشتغل في مبدأ أمره بطوس على أحمد الرادكاني ثم قدم نيسابور واختلف إلى دروس أمام الحرمين وجد في الاشتغال حتى تخرج في مدة قريبة وصار من الأعيان في زمن أستاذه وصنف ولم يزل يلازمه إلى حين وفاته فخرج إلى العسكر ولقي نظام الملك فأكرمه وعظمه وكان بحضرة الوزير جماعة من الفضلاء فناظروه وظهر عليهم واشتهر اسمه وسار بذكره الركبان الطويل * فسار به من لا يسير مشمرا * وغنى به من لا يغني مغردا * وفوض إليه الوزير تدريس النظامية وعظمت حشمته ببغداد حتى علت على الأمراء والكبار وأعجب به أهل العراق ثم أنه ترك جميع ما كان فيه في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين وأربع مائة وسلك طريق التزهد والانقطاع وحج فلما رجع توجه إلى الشام فأقام في مدينة دمشق مدة يذكر الدروس في زاوية الجامع المعروفة الآن به في الجانب الغربي ثم توجه إلى القدس واجتهد في العبادة وزيارة المشاهد والمواضع المعظمة ثم قصد مصر وأقام بالإسكندرية مدة ويقال أنه عزم منها على ركوب البحر للاجتماع بالأمير يوسف ابن تاشفين صاحب مراكش لما بلغه منه من محبة أهل العلم والإقبال عليهم فبلغه نعى المذكور فعاد إلى وطنه بطوس وصنف بها كتبا نافعة ثم عاد إلى نيسابور وألزم بتدريس النظامية بعد معاودات ثم ترك ذلك وأقام بوطنه واتخذ خانقاه للصوفية ومدرسة للمشتغلين بالعلم في جواره ووزع أوقاته على وظائف الخير من ختم القرآن ومجالسة أهل القلوب وأما مصنفاته فمنها كتاب أحياء علوم الدين وهو من أجل الكتب وأعظمها حتى قيل فيه أنه لو ذهبت كتب الإسلام وبقي الأحياء لأغنى عما ذهب وأول ما دخل إلى الغرب أنكروا فيه أشياء وصنفوا عليه الإملاء في الرد على الأحياء قال الشيخ جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي قد جمعت أغلاط الكتاب وسميته أعلام الأحياء بأغلاط الأحياء وأشرت إلى بعض ذلك في كتابي تلبيس إبليس وقال سبطه أبو المظفر وضعه على مذاهب الصوفية وترك فيه قانون الفقه كما ذكر في مجاهدة النفس إن رجلا أراد محو جاهه فدخل الحمام فلبس ثياب غيره
(٢١١)