تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥٢ - الصفحة ١٨٣
فقال له الأمير: يا خوند كان عنده علم من هذه القضية؟
قال: نعم، هو أول من أشار بها.
فلما كان من الغد جاء كتبغا في طلب نحو ألفين من الخاصكية وغيرهم والحسام أستاذ الدار، ثم قوس كتبغا وقصد بيدرا وقال: يا بيدرا أين السلطان؟ ثم رماه بالنشاب، ورموا كلهم بالنشاب فقتلوه، وتفرق جمعه، وسيروا رأسه إلى القاهرة.
قال: فلما رأينا ذلك التجأنا إلى جبل واختلطنا بالطلب الذي جاء، فعرفنا بعض أصحابنا فقال لنا: شدوا بالعجلة مناديلكم في رقابكم إلى تحت الإبط، يعني شعارهم.
قال ابن المحفدار: وسألت شهاب الدين الأشل: كيف كان قتل السلطان؟ قال: جاء إليه بعد رحيل الدهليز الخبر أن بتروجة طير كثير فقال لي: امش بنا حتى نسبق الخاصكية، فركبنا وسرنا، فرأينا طيرا كثيرا، فرمى بالبندق، وصرع كثيرا، ثم قال: أنا جيعان، فهل معك شيء تطعمني؟ فقلت:
ما معي سوى فروجة ورغيف في سولقي. قال: هاته فناولته فأكله ثم قال:
امسك فرسي حتى أبول. قال: فقلت: ما فيها حيلة أنت راكب حصان، وأنا راكب حجرة وما يتفقان. فقال: انزل أنت واركب خلفي، وأركب أنا الحجرة، وهي تقف مع الحصان إذا كنت فوقه. فنزلت وناولته لجامها، وركبت خلفه، ثم نزل هو وجلس يريق الماء، وجعل يولع بذكره ويمازحني، ثم قام وركب حصانه، ومسك لي الحجرة حتى ركبت، وإذا بغبار عظيم فقال لي: سق واكشف الخبر. فسقت فإذا بيدرا والأمراء، فسألتهم عن سبب مجيئهم، فلم يردوا علي وساقوا إلى السلطان، فبدأه بيدرا بالضربة فقطع يده، وتممه الباقون. ثم بعد يومين طلع والي تروجة وغسلوه وكفنوه، ووضعوه في تابوت، ثم سيروا من القاهرة الأمير سعد الدين كوجبا الناصري فأحضر التابوت، ودفن في تربة والدته. وكان من أبناء الثلاثين.
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»