تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥١ - الصفحة ٢٣٢
روى عنه: ابنه، وابن تيمية، والمزي، وابن العطار، والبرزالي، والصيرفي، وابن الخباز، وخلق سواهم.
وأجاز لي مروياته في سنة أربع وسبعين. وقد سألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال: هو أحد الأئمة الأعلام المتبحرين في علوم متعددة.
قلت: وأنبأني أبو بكر بمحمد بن أحمد الوائلي الحافظ قال: لما أتى شهر رمضان الكائن في سنة أربعين وأنا بدمشق أردت أن أريح نفسي من كد المطالعة والتكرار وأصرف همتي، إذ كنت كثير البطالة، إلى المواظبة على نوافل الصلوات والأذكار، فحين شرعت في ذلك وجدت من قلبي قسوة، ورأيت في صارم عزيمتي من المضاء فيها نبوة، وقدت نفسي بزمام الحرص فحزنت وما انقادت، فضربتها بسوط الاجتهاد، فتمادت على حرانها بل زادت، فلما رأيت ذلك علمت أن داءها صار عضالا، وأن ما رمته من الهدى صار ضلالا، فسألت عن عالم بهذه الأمور خبير، وطبيب بدواء هذه العلة بصير، فدللت على أوحد دهره، وأفضل علماء عصره، أحسنهم هديا وسمتا، وأوردهم نطقا وصمتا، وأوسعهم في جميع العلوم علما، وأتقنهم في جميع المعاني فهما، وهو شيخنا العلامة، سيد القراء، وحجة الأدباء، وعمدة الفقهاء، علم الدين، أبو الحسن السخاوي، فكتبت إليه بهذه الأبيات أشكو إليه فيها بثي وحزني، وما استولت عليه هذه النفس العدوة مني، وأساله كيف خلاص أسيرها من وثاقه، وكيف السبيل إلى هربه من جورها وإباقه؛ وهي:
* أيا عالما في الناس ليس له مثل * وحبرا على الأحبار أضحى له الفضل * * أيا علم الدين الذي ظل علمه * بحورا عذابا منه يغترف الكل * * لقد حزت من بين الأنام فضائلا * فمنها التقى والعلم والخلق السهل * * فأنشأ ربي في حياتك إنها * حياة لها نفع من الخير ما تخلو * * وبعد فإني سيدي لك ذاكر * أمورا قد أعيتني وعندي لها ثقل *
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»