فنزل على عين جالوت من أرض بيسان. وكان شاليش المسلمين ركن الدين بيبرس البندقداري، فحين طلع من التل أشرف على التتار نازلين، ووقعت العين على العين، وكان بينه وبين السلطان مرحلة. فجهز البريدية في طلب السلطان وقلق وقال: إن ولينا كسرنا الإسلام. فجعلوا يقهقرون رؤوس خيلهم حتى ينزلوا عن التل إلى خلف. وضربت التتار حلقة على التل وتحيز البندقداري بعسكره فلم تمض ساعة حتى جاءته خمسمائة ملبسة من أبطال الإسلام، ثم بعد ساعة أخرى لحقتها خمسمائة أخرى.
وأما التتار فاشتغلوا أيضا بأخذ أهبتهم للمصاف. وتلاحق الجيش ثم وقع المصاف.
قال أبو شامة: لما كان ليلة سبع وعشرين من رمضان جاءنا الخبر بأن عسكر المسلمين وقع على عسكر التتار يوم الجمعة الخامس والعشرين من الشهر عند عين جالوت، وهزموهم وقتلوا فيهم، وقتلوا ملكهم كتبغا، وأسر ابنه، فانهزم من دمشق النائب إيل سبان ومن عنده من التتار، فتبعهم أهل الضياع يتخطفونهم.
وقال الشيخ قطب الدين اليونيني: خرج الملك المظفر بجيش مصر والشام إلى لقاء التتر، وكان كتبغا بالبقاع، فبلغه الخبر، فطلب الملك الأشرف، يعني الذي استنابه هولاكو على الشام والقاضي محيي الدين، واستشارهم، فمنهم من أشار بعدم الملتقى، وبأن يندفع بين يدي المظفر إلى أن يجيئه المدد من هولاكو، ومنهم من أشار بغير ذلك وتفرقت الآراء، فاقتضى رأيه هو الملتقى، وسار من فوره فالتقوا يوم الجمعة، فانكسرت ميسرة المسلمين كسرة شنيعة، فحمل الملك المظفر في التتار، وحمل معه خلق فكان النصر. قتل كتبغا ومعظم أعيان التتار، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وهرب من هرب