تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٧ - الصفحة ١٨٧
وقال ابن الحاجب في معجمه: إمام ورع، وافر العقل، حسن السمت، متبحر في الأصول والفروع، بالغ في الطلب حتى صار يضرب به فيه المثل، وأجهد نفسه في الطاعة والعبادة.
قلت: وكان حسن الاعتقاد على مذهب السلف، يرى الكف عن التأويل، ويؤمن بما جاء عن الله ورسوله على مرادهما. ولا يخوض ولا يتعمق.
وفي فتاويه: سئل عمن يشتغل بالمنطق والفلسفة فأجاب: الفلسفة أس السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال، ومقال الزيغ والزندقة. ومن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالبراهين. ومن تلبس بها قارنه الخذلان والحرمان، واستحوذ عليه الشيطان، وأظلم قلبه عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
إلى أن قال: واستعمال الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية من المنكرات المستبشعة، والرقاعات المستحدثة، وليس بالأحكام الشرعية، ولله الحمد، افتقار إلى المنطق أصلا، وهو فقاقع قد أغنى الله عنها كل صحيح الذهن. فالواجب على السلطان، أعزه الله، أن يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المشائيم، ويخرجهم من المدارس ويبعدهم.
وللشيخ فتاو هكذا مسددة، فرحمه الله ورضي عنه.
وكان معظما في النفوس، حسن البزة، كثير الهيبة، يتأدب معه السلطان فمن دونه.
تفقه عليه كثير منهم: الإمام شمس الدين عبد الرحمن بن نوح المقدسي، والإمام شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل أبو شامة، والإمام كمال الدين سلار، والإمام كمال الدين إسحاق، والإمام تقي الدين ابن رزين قاضي الديار المصرية، والعلامة شمس الدين ابن خلكان قاضي الشام.
وروى عنه: الفخر عمر بن يحيى الكرجي، والمجد يوسف بن المهتار،
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»