تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٥ - الصفحة ٤٣
طائفة وقصدوا أذربيجان، فلم يقدم جلال الدين على لقائهم، فملكوا مراغة وعاثوا بأذربيجان، فسار هو إلى آمد، وتفرق جنده، فبيته التتار ليلة، فنجا وتفرق أصحابه في كل وجه. فقصد طائفة منهم حران، فأوقع بهم الأمير صواب، مقدم الملك الكامل بحران، وقصد طائفة منهم سنجار والموصل وغير ذلك. وتخطفتهم الملوك والرعية، وطمع فيهم كل أحد حتى الفلاحون والأكراد، وانتقم الله منهم.
ودخل التتار ديار بكر في طلب جلال الدين، لا يعلمون أين سلك فسبحان من بدل عزهم ذلا، وكثرتهم قلة، وأخذت التتار أسعرد بالأمان، ثم غدروا بهم، وبذلوا فيهم السيف. ثم ساروا إلى مدينة طنزة، ففعلوا فيها كذلك. ثم ساروا في البلاد يخربونها إلى أن وصلوا إلى ماردين، وإلى نصيبين، إلى أن قال: وخرجت هذه السنة ولم يتحقق لجلال الدين خبر، ولا يعلم هل قتل أو اختفى والله أعلم.
4 (الاحتفال بقدوم صاحب إربل في بغداد)) ) قلت: وفي المحرم وصل الملك مظفر الدين صاحب إربل إلى بغداد، واحتفل بقدومه، وجلس المستنصر بالله له، وحضر أرباب الدولة كلهم، ورفع الستر عن الشباك، فإذا المستنصر جالس، فقبل الجميع الأرص. ورقي نائب الوزارة مؤيد الدين، وأستاذ الدار مراقي من الكرسي المنصوب بين يدي الشباك. واستدعي مظفر الدين، فطلع، وأشار بيده بالسلام على المستنصر، ثم قرا: اليوم أكملت لكم دينكم الآية، فرد المستنصر عليه السلام، فقبل الأرض عدة مرار، فقال له: إنك اليوم لدينا مكين أمين، في كلام مضمونه: ثبت عندنا إخلاصك في العبودية. فقبل الأرض، وأذن له في الانكفاء،
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»