تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٥ - الصفحة ٣٩
الأشرف المصاف مع الخوارزمي، وقامت الحرب على ساق إلى قرب الظهر، ثم نصر الله، وكسر العدو شر كسرة. وكان معه خلق لا يحصون.
والمصاف في اليوم التاسع والعشرين من رمضان.
قال الموفق: ثم تواصل الناس ومعهم السبي والأخايذ من المماليك والدواب والأسلحة، والكل رديء، يباع الجوشن بثلاثة دراهم، والفرس هناك بخمسة دراهم، وفي حلب بعشرين درهما وثلاثين في غاية الرداءة. وكذا قسيهم وسائر أسلحتهم. ووصل منهم أسرى فيهم رجل، حكى لمن أنس به من الفقهاء العجم، قال: إن صاحبنا دهش وتحير لما شارف عسكر الشام، فلما رأيناه كذلك، انقطعت قلوبنا، ولولا عسكر الشام، أبدنا عسكر الروم، أنا بنفسي قتلت منهم خمسين فارسا.
وحكى نسيب لنا جندي، قال: وصلنا إلى مرج ياصي جمان، ونحن متوجهون إلى خلاط على أن العدو بها، فإذا بعسكر الخوارزمي محيط بنا، فوقع على طائفة من عسكر الروم، فقتل منهم مائتين، ونهب، وأسر. ثم من الغد وقع جيش الخوارزمي على عسكر الروم ونحن نرى الغبرة، فأباد فيهم قتلا وأسرا. وقد كثر القول بأنهم قتلوا من عسكر الروم سبعة آلاف من خيارهم، وقيل: أكثر وأقل.
وقال لي رجل من أهل أرزنجان: إن جميع عسكر الروم كان بها، وعدتهم اثنا عشر ألفا، فلم يخلص منهم إلا جريح، أو هارب توقل الجبل، وإن صاحب الروم بقي في ضعفة من أصحابه نحو خمسة آلاف، وأصبحنا يوم الخميس على تعبئة، ووقعت مناوشات. فكان أصحابنا أبدا يربحون عليهم، وعرفنا قتالهم، ونشابهم، وضعف خيلهم، وقلة فروسيتهم، فتبدل خوفنا منهم بالطمع، واحتقرناهم، وتعجبنا كيف غلب هؤلاء أمما كثيرين وبتنا ليلة الجمعة على تعبئة، وكان الرجل قد عزم على الهرب، ففر إليه مملوكان، فشجعاه، فثبت لشقاوته. وأصبح الناس، ففر من عنده اثنان إلى الملك الأشرف فسألهما عن عدة أصحابهم، قالا: هم ثلاثون ألفا. وبقي الأشرف
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»