فقيرا وحيدا، فأحسنوا إليه، واجتمع إليه شذاذ عسكر أبيه، وجاءته خلع من بغداد وتشريف، ووعد بالسلطنة، فسمع بوصول أخيه فقال: لا تصل إلا بأمر الديوان، فاستأذن، فأذن له، فلما وصل جلال الدين خاف من أخيه، فاعتقله، وقيده مدة حتى قوي واستظهر، ثم أطلقه. وفي الآخر ضعف دست جلال الدين، ومقته الناس لقبح سيرته، ولم يترك له صديقا من الملوك بل عادى الكل، ثم اختلف عليه جيشه لما فسد عقله بحب مملوك، فمات المملوك فأسرف في الحزن عليه، وأمر أهل توريز بالنوح واللطم، وما دفنه، بل بقي يستصحبه، ويصرخ عليه، والويل لمن يقول: إنه ميت، فاستخف به الأمراء وأنفوا منه، وطمعت فيه التتار لانهزامه من الأشرف واستولوا على مراغة وغيرها.
قلت: وفي الحوادث على السنين قطعة من أخباره. ولقد كان سدا بين التتر وبين المسلمين، والتقاهم غير مرة. وقد ذهب إليه في الرسلية الصاحب محيي الدين يوسف ابن الجوزي، فدخل إليه، فرآه يقرأ في المصحف ويبكي، واعتذر عما يفعله جنده لكثرتهم وعدم طاعتهم.
وفي آخر أمره كسره الملك الأشرف، وصاحب الروم، فراح رواحا بخسا، ثم بعد أيام اغتاله كردي، وطعنه بحربة، فقتله في أوائل سنة تسع وعشرين بأخ له كان قد قتل على يد الخوارزمية. وتفرق جيشه من بعده وذلوا.
قلت: لم يشتهر موته إلا في سنة تسع، وإنما كان في نصف شوال سنة ثمان.
4 (جلدك، الأمير الكبير، شجاع الدين.)) أبو المنصور، المظفري، التقوي.