تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٥ - الصفحة ٣٠٩
وهذه السيرة في مجلد فيها عجائب له من ارتفاع وانخفاض وفرط شجاعة. وفي الآخر تلاشى أمره، وكسبه التتار في الليل، فنجا في نحو مائة فارس، ثم تفرقوا عنه إلى أن بقي وحده وساق خلفه خمسة عشر من التتار وألحوا في طلبه، فثبت لهم، وقتل منهم اثنين، فوقفوا. وطلع إلى جبل بنواحي آمد به أكراد، فأجاره رجل كبير منهم، فعرفه أنه السلطان ووعده بكل جميل، ففرح الكردي، ومضى ليحضر خيله، ويعلم بني عمه، وينهض بأمره، وتركه عند أمه، فجاء كردي جريء فقال: أيش هذا الخوارزمي تخلونه عندكم فقيل له: اسكت، ذا هو السلطان. فقال: إن كان هكذا، فذا قد قتل بخلاط أخي، ثم شد عليه بحربة معه، فقتله في الحال.
وقال الموفق عبد اللطيف: كان أسمر أصفر نحيفا، سمجا، لأن أمه هندية. وكان يلبس طرطورا فيه من شعر الخيل، مصبغا بألوان. وكان أخوه غياث الدين أجمل الناس صورة وأرقهم بشرة ولكنه ظلوم غشوم وهو ابن تركية.
قال: والزنا فيهم يعني في الخوارزمية فاش، واللواط ليس بقبيح ولا معذوقا بشرط الكبر والصغر. والغدر خلق لا يزايلهم أخذوا قلعة عند تفليس بالأمان، فلما نزل أهلها، وبعدوا يسيرا، عادوا عليهم، فقتلوا من كان يصلح للقتل، وسبوا من كان يصلح للسبي. ورد علي رجل من تفليس كان يقرأ علي الطب، فذكر لي ذلك كله، وأنه أقام بتفليس ست سنين، واكتسب مالا جما بالطب. فلما قرب الخوارزميون جاء رسولهم إلى الملكة بكلام لين، فبينا هو في مجلسها وقد وصل قاصد يخبر بأن القوم في أطراف البلاد يعيثون، فقالت للرسول: أهكذا) تكون الملوك يرسلون رسولا بكلام، ويفعلون خلافه وأمرت بإخراجه. وبعد خمسة عشر يوما وصلوا، فخرج إليهم جيش الكرج، فقال إيواني: نرتب العسكر قلبا وميمنة وميسرة، فقال شلوه: هؤلاء أحقر من هذا، أنا أكفي أمرهم. فنزل في قدر سبعة آلاف أكثرهم تركمان بتهور، وكان في رأسه سكر، فتقدم فصار في وسطهم، وأحاطوا به، ووقع علمه. فقال إيواني: هذا شلوه قد كسر، ردوا بنا، وأخذ في مضيق، وتبعه المنهزمون، فتحطموا في مضيق عميق حتى هلك أكثرهم، وتحصن إيواني بمن معه في
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»