تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٥ - الصفحة ١٦٨
يقول: ليس غرضنا أن يقال: برز مرسوم أو نفذ مثال، ثم لا يبين له أثر، بل أنتم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال، فقرأه الوزير، فإذا في أوله: اعلموا أنه ليس إمهالنا إهمالا، ولا إغضاؤنا إغفالا، ولكن لنبلوكم أيكم أحسن أعمالا، وقد عفونا لكم عما سلف من إخراب البلاد، وتشريد الرعايا، وتقبيح السمعة، وإظهار الباطل الجلي في صورة الحق الخفي حيلة ومكيدة، وتسمية الاستئصال والاجتياح استيفاء واستدراكا لأغراض انتهزتم فرصتها مختلسة من براثن ليث باسل وأنياب أسد مهيب، تتفقون بألفاظ مختلفة على معنى واحد وأنتم أمناؤه وثقاته، فتميلون رأيه إلى هواكم، فيطيعكم وأنتم له عاصون. والآن فقد بدل الله بخوفكم أمنا، وبفقركم غنى، وبباطلكم حقا، ورزقكم سلطانا يقيل العثرة، ولا يؤاخذ إلا من أصر، ولا ينتقم إلا ممن استمر، يأمركم بالعدل وهو يريده منكم، وينهاكم عن الجور ويكرهه لكم، يخاف الله ويخوفكم مكره، ويرجو الله ويرغبكم في طاعته.
فإن سلكتم مسالك نواب خلفاء الله في أرضه وأمنائه على خلقه، وإلا هلكتم، والسلام.
قال: ولما توفي وجد في بيت من داره ألوف رقاع كلها مختومة لم يفتحها فقيل له: لم لا تفتحها قال: لا حاجة لنا فيها، كلها سعايات.
وقال أبو شامة في تاريخه: وكان أمير المؤمنين أبو نصر، جميل الصورة، أبيض مشربا حمرة، حلو الشمائل، شديد القوى، بويع وهو ابن اثنتين وخمسين سنة. فقيل له: ألا تتفسح قال: قد لقس الزرع، فقيل: يبارك الله في عمرك، قال: من فتح دكانا بعد العصر أيش يكسب ثم إنه أحسن إلى الناس، وفرق الأموال، وأبطل المكوس، وأزال المظالم.
وقال أبو المظفر الجوزي: حكي لي عنه: أنه دخل إلى الخزائن،
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»