الموخوذة في أيام أبيه وقبلها وشيئا كثيرا، وأطلق المكوس في البلاد جميعها، وأمر بإعادة الخراج القديم في جميع العراق، وبإسقاط جميع ما جدده أبوه، وكان ذلك كثيرا لا يحصى فمن ذلك: بعقوبا، كان يحصل منها قديما عشرة آلاف دينار، فلما استخلف الناصر كان يؤخذ منها في السنة ثمانون ألف دينار، فاستغاث أهلها، وذكروا أن أملاكهم أخذت، فأعادها الظاهر إلى الخراج الأول.
ولما أعاد الخراج الأصلي على البلاد حضر خلق، وذكروا أن أملاكهم قد يبست أكثر أشجارها وخربت فأمر أن لا يؤخذ إلا من كل شجرة سالمة، وهذا عظيم جدا. ومن عدله أن سنجة المخزن كانت راجحة نصف قيراط في المثقال يقبضون بها، ويعطون بسنجة البلد، فخرج خطه إلى الوزير وأوله: ويل للمطففين الآيات، وفيه: قد بلغنا كذا وكذا فتعاد سنجة الخزانة إلى ما يتعامل به الناس. فكتبوا إليه: إن هذا فيه تفاوت كثير، وقد حسبناه في العام الماضي، فكان خمسة وثلاثين ألف دينار. فأعاد الجواب ينكر على القائل ويقول: يبطل ولو أنه ثلاثمائة ألف وخمسون ألف دينار.
ومن عدله: أن صاحب الديوان قدم من واسط ومعه أزيد من مائة ألف دينار من ظلم، فردها على أربابها، وأخرج المحبسين، وأرسل إلى القاضي عشرة آلاف دينار ليوفيها عمن أعسر.
وقيل له: في هذا الذي تخرجه من الأموال لا تسمح نفس ببعضها، فقال: أنا فتحت الدكان بعد) العصر، فاتركوني أفعل الخير، فكم بقيت أعيش قال: وتصدق ليلة النحر بشيء كثير.
قلت: ولم يأت عليه عيد سواه، فإن عيد الفطر كان يوم مبايعته.
قال: تصدق وفرق في العلماء والصلحاء مائة ألف دينار.
وكان نعم الخليفة، جمع الخشوع مع الخضوع لربه والعدل والإحسان إلى رعيته، ولم يزل كل يوم يزداد من الخير والإحسان. وكان قبل موته قد اخرج توقيعا بخطه إلى الوزير ليقرأه على الأكابر، فقال رسوله: أمير المؤمنين