وعملا، وسار إلى أن علا عقبة أسد آباد، فنزلت عليه ثلوج غطت الخراكي والخيام، وبقي ثلاثة أيام، فعظم إذ ذاك البلاء، وشمل الهلاك خلقا من الرجال، ولم ينج شيء من الجمال، وتلفت أيدي رجال وأرجل آخرين، فرجع السلطان عن وجهه ذلك على خيبة مما هم به.
4 (وصول الفرنج إلى عين جالوت)) وفيها تجمع الفرنج وأقبلوا من البحر بفارسهم وراجلهم لأجل قصد بيت المقدس، وتتابعت الأمداد من رومية الكبرى، التي هي دار الطاغية الأعظم المعروف بالبابا، لعنه الله، وتجمعوا كلهم بعكا، عازمين على استيفاء الثأر مما تم عليهم في الدولة الصلاحية، فجفل الملك العادل لما خرجوا عليه، ووصلوا إلى عين جالوت، وكان على بيسان فأحرقها، وتقدم إلى جهة عجلون، ووصل الفوار، فقطع الفرنج خلفه الأردن، وأوقعوا باليزك، وعادوا على البلاد، وجاء الأمر إلى المعتمد والي دمشق بالاهتمام والاستعداد واستخدام الرجال، وتدريب دروب قصر حجاج، والشاغور، وطرق البساتين، وتغريق أراضي داريا، واختبط البلد، وأرسل العادل إلى ملوك البلاد يستحث العساكر، ونزل مرج الصفر، وضج الناس بالدعاء، ثم رجع الفرنج نحو عكا بما حازوه من النهب والأسارى، فوصل الملك المجاهد صاحب حمص، ففرح به الناس.
قال أبو المظفر ابن الجوزي: فيها انفسخت الهدنة بين المسلمين والفرنج، وجاء العادل من مصر بالعساكر، فنزل بيسان، والمعظم عنده في عسكر الشام، فخرج الفرنج من عكا، عليهم ملك الهنكر، فنزلوا عين جالوت في خمسة عشر ألفا، وكان شجاعا، خرج معه جميع ملوك الساحل، فقصد العادل، فتأخر العادل وتقهقر، فقال له المعظم: إلى أين فشتمه بالعجمية، وقال:) بمن أقاتل أقطعت الشام مماليكك وترك أولاد الناس. وساق فعبر الشريعة.