تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٣ - الصفحة ٢٧٤
الفهم: أن رجلا مغربيا جاء إلى دمشق، فسأل عن جبل قاسيون، فدل عليه، فجاء إلى الشيخ أبي عمر، فقال: ما قدمت من الغرب إلا لزيارتك وأنا عائد إلى الغرب، فقيل له: أيش السبب فامتنع فألحوا عليه، فقال: كان لي شيخ بالمغرب لا يخرج إلا لصلاة ثم يعود إلى البيت، فسألت عنه بعض الليالي فقيل: ليس هو هنا، فلما أصبحت، قلت: أين كنت البارحة، قال: إن الشيخ محمدا بجبل قاسيون أعطي القطابة، فمشينا إلى تهنئته البارحة. أو ما هذا معناه.
ثم ذكر الضياء حكايتين أيضا في أنه قطب، ثم قال: فحكيت لأبي محمد عبد الله بن أبي عمر شيئا من هذا، فقال: جاء إلى والدي جماعة من المشايخ فاستأذنوا عليه، وسلموا عليه، ثم خرجوا، ثم جماعة آخرون، ووصف كثرة من جاء غليه في ذلك اليوم، فقلت له تعرفهم فقال: لا، وأنا أتفكر إلى اليوم في كثرتهم يعني فكأنه أشار إلى أنه قطب ذلك الوقت.
كان أبو عمر رحمه الله لا يكاد يسمع بشيء لا يجوز قد عمل إلا اجتهد في تغييره، وإن كان بعض الملوك قد فعله، كتب إليه حتى سمعنا عن بعض ملوك الشام قال: هذا الشيخ شريكي في ملكي. أو كما قال.
وكان له هيبة عظيمة حتى إن كان أحدنا ليشتهي أن يسأله عن شيء فما يجسر أن يسأله، وإذا دخل المسجد، سكتوا وخفضوا أصواتهم، وإذا عبر في طريق والصبيان يلعبون هربوا، وإذا أمر بشيء لا يجسر أحد أن يخالفه. وسمعت خالي موفق الدين بعد موته يقول: كان أخي يكفينا أشياء كثيرة ما نقوى لما يفعل. وكان الله قد وضع للشيخ المحبة في قلوب الخلق. وكان ليس بالطويل ولا القصير، أزرق العينين وليس بالكثير، يميل إلى الشقرة، عالي الجبهة، حسن الثغر، صبيح الوجه، كث اللحية، نحيف الجسم. أول زوجاته: عمتي فاطمة، وكانت أسن منه كبرت وأقعدت وماتت قبله بأعوام، وولدت له:
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»