قال الضياء: وكان ثوبه إلى نصف ساقه وكمه إلى رسغه. سمعت والدتي تقول: مكثنا زمانا لا يأكل أهل الدير إلا من بيت أخي تطبخ عمتك ويأكل الرجال جميعا والنساء جميعا. قال: وكان إذا جاء شيء إلى بيته، فرقوه على الخاص والعام.
وسمعت محمود بن همام الفقيه يقول: سمعت أبا عمر يقول: الناس يقولون: لا علم إلا ما دخل مع صاحبه الحمام. وأنا أقول: لا علم إلا ما دخل مع صاحبه القبر. ومن كلامه: إذا لم تتصدقوا لم يتصدق أحد عنكم، والسائل إن لم تعطوه أنتم أعطاه غيركم. وكان يحب اللبن إذا صفي بخرقة، فعمل له مرة فلم يأكله، فقالوا له في ذلك، فقال: لحبي إياه تركته.
ولم يذقه بعد ذلك.
سمعت أبا العباس أحمد بن يونس بن حسن، قال: كنا نزولا على بيت المقدس مع الشيخ أبي عمر وقت حصار المسلمين لها مع صلاح الدين، وكان لنا خيمة، وكان الشيخ أبو عمر قد مضى إلى موضع، وجعل يصلي فيها في يوم حار. فجاء الملك العادل فنزل في خيمتنا، وسأل عن الشيخ، فمضينا إلى الشيخ وعرفناه، فقال: أيش اعمل به ولم يجيء إليه فمضى إليه عمر بن أبي بكر وألح عليه، فما جاء، وأطال العادل القعود، قال: فرجعت إلى الشيخ، فقال: أنزل له شيئا، قال: فوضعت له ولأصحابه أقراصا كانت معنا فأكلوا وقعدوا زمانا ولم يترك الشيخ صلاته، ولا جاء.
سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن الأزهر يقول: ما رأيت أحدا قط ليس عنده يكلف غير الشيخ أبي عمر.
سمعت شيخنا أبا إسحاق إبراهيم بن عبد الواحد، قال: سمعت أخي الحافظ يقول: نحن إذا جاء إنسان اشتغلنا به عن عملنا، وأما خالي أبو عمر فيه للدنيا وللآخرة يخالط الناس وهو في أوراده لا يخليها.
سمعت أبا أحمد عبد الهادي بن يوسف يقول: كان الشيخ أبو عمر يقرأ بعض الليالي فربما غشي على بعض الناس من قراءته.