4 (سنة سبع وثمانين وخمسمائة)) 4 (استيلاء الفرنج على عكا)) دخلت وقت اشتدت مضايقة الفرنج لعكا، والقتال بينهم وبين السلطان مستمر، وكل وقت يأتيهم مدد من البحر، فوصل ملك الإنكلتير في جمادى الأولى، وكان قد دخل قبرص وغدر بصاحبها وتملكها، ثم سار إلى عكا في خمس وعشرين قطعة مملوءة رجالا وأموالا، وكان رجل وقته مكرا ودهاء، ورمي المسلمون منه بحجر ثقيل. وعظم الخطب، وعملت الفرنج تلا عظيما من التراب لا تؤثر فيه النار ولا غيرها، فنفعهم في القتال وأوهن المسلمين خروج أميرين في الليل ركبوا في شيني ولحقوا بالمسلمين، فضعفت الهمم ووجلت القلوب، وراسلوا صلاح الدين، فبعث إليهم أن اخرجوا من البلد كلكم على حمية، وسيروا مع البحر، واحملوا عليهم، وأنا أجيئهم من الجهة الأخرى وأكشف عنكم، وذروا البلد بما فيه. فشرعوا في هذا، فلم يتهيأ لهم، ولا تمكنوا منه، فلما اشتد البلاء على أهل عكا وضعفت قلوبهم، وقلت منعتهم، ونقبت بدنة من الباشورة، حرج الأمير سيف الدين علي بن أحمد المشطوب الهكاري إلى ملك الفرنج وطلب الأمان، فأبى عليه إلا أن ينزل على حكمه، فقال: نحن لا نسلم البلد إلا أن نقتل بأجمعنا، ورجع مغاضبا.
فلما كان يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة زحف