تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤١ - الصفحة ٥٨
واستجابوا الصوت، وفارقوا الأوطان والأوطار، والأهل والديار، طاعة لقسيسهم وغيره لمعبدهم وحمية لمعتقدهم،) وتهالكا على مقبرتهم، وتحرقا على فخامتهم، حتى خرجت النساء من بلادهن متبرزات، وسرن في البحر متجهزات، وكانت منهن ملكة استتبعت خمسمائة مقاتل، والتزمت بمؤونتهم، فأخذت برجالها بقرب الإسكندرية. ومنهن ملكة وصلت مع ملك الألمان، وذوات المقانع من الفرنج مقنعات دارعات، يحملن الطوارق والقنطاريات. وقد وجدت في الوقعات التي جرت عدة منهن بين القتلى. وما عرفن حتى سلبن. والبابا الذي برومية قد حرم عليهم لذاتهم وقال: من لا يتوجه إلى القدس فهو محرم، لا ملح له ولا مطعم، فلهذا يتهافتون على الورود، ويتهالكون على يومهم الموعود. وقال: إني واصل في الربيع، جامع على الاستنفار شمل الجميع. وإذا نهض هذا اللعين فلا يعقد عنه أحد، ويصل معه كل من يقول لله تعالى ولد.
ومن كتاب فاضلي إلى السلطان: فليس إلا الدعاء والتجلد للقضاء، فلا بد من قدر مفعول، ودعاء مقبول.
* نحن الذين إذا علوا لم يبطروا * يوم الهجاج وإن علو لم يضجروا * ومعاذ الله أن يفتح علينا البلادن ثم يغلقها، وأن يسلم على أيدينا القدس، ثم ينصره، ثم معاذ الله أن يغلب عن النصر، ثم معاذ الله أن يغلب على الصبر. وإذا كان ما يقدمنا الله إليه لا بد منه وهو لقاؤه، فلأن نلقاه والحجة لنا خير من أن نلقاه والحجة علينا. ولا تعظم هذه الفتون على مولانا فتبهر صبره، وتملأ صدره، فلا تهنوا وتدعوآ إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم.
وهذا دين ما غلب بكثرة وإنما اختار الله له أرباب بنات، وروى قلوب رجالات، فليكن الولي نعم السلف، لذلك الخلف، واشتدي أزمة تنفرجي، والغمرات تذهب ثم لاتجيء، والله يسمعنا مايسر القلوب،
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»